ضرب رأس جعفر بن يحيي .. بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كما يحب ربنا ويرضاه، أحمده تعالى وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أرجو بها النجاة يوم نلقاه، يوم يبعثر ما في القبور ويحصّل ما في الصدور، وأَشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد، ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن البرامكة، وقيل أنه كان يحيى البرمكي يُجري على سفيان الثوري ألف درهم في كل شهر، فكان إذا صلى سفيان يقول في سجوده اللهم إن يحيى كفاني أمر دنياي فإكفه أمر آخرته، فلما مات يحيى رؤي في المنام فقيل له مافعل الله بك، قال غفر لي بدعاء سفيان، وروى السيوطي أن منتهى الكرم للوزراء البرامكة، كاد أن لا يوجد أحد من العلماء والحكماء والعظماء والندماء إلا والبرامكة عليه كرم كماء السماء.

ولم يقف الكرم البرمكي عند هذا الحد، بل حرض الخلفاء على الجود والسخاء، ومنها أنه قام رجل إلى الرشيد ويحيى بن خالد يسايره فقال يا أمير المؤمنين أنا رجل من المرابطة، وقد عطبت دابتي، فقال يعطى ثمن دابة خمسمائة درهم، فغمزه يحيى، فلما نزل قال يا أبة أومأت إلي بشيء لم أفهمه، فقال يا أمير المؤمنين مثلك لا يجري هذا المقدار على لسانه، إنما يذكر مثلك خمسة آلاف إلى مائة ألف قال فإذا سئلت مثل هذا كيف أقول، قال تقول يشترى له دابة، يفعل به ما يفعل بأمثاله، وكانت للبرامكة مكانة عالية في الدولة العباسية، فقد كان يحي بن خالد البرمكي مسؤلا عن تربيتة الخليفة هارون الرشيد وهو الذي حافظ على حقه في ولاية العهد، كما أرضعت زوجت يحي بن خالد البرمكي الخليفة هارون، وكان الفضل بن يحي البرمكي أخ لهارون الرشيد من الرضاعة. 

وهو الذي وكله هارون فيما بعد بتربية إبنه الأمين بن هارون الرشيد، وأما عن أسباب معركة البرامكة، فقد تكاثرت الأقاويل عن أسباب هذه النكبة التي فاجئت الجميع والتي وصفها المؤحون بصراع العرب والعجم ومن أهم الأسباب التي تم ذكرها أنه عندما تأييد البرامكة لهارون الرشيد وسعيهم في عقده البيعه لأبنه الأمين، إختلفت الموازين وشعروا بأنهم أساءوا الإختيار، وخاصة بعد زيادة نفوذ أمه زبيدة التي كانت تسخط على البرامكه وعلى ما صاروا إليه من نفوذ، وقام البرامكة حينها بإستغلال نفوذهم وقربهم الشديد من الخليفة هارون الرشيد، وبعد مضي ثماني سنوات من بيعة هارون الأولى لأبنه الأمين، إستطاعوا بالفعل إقناعه أن يعقد البيعة لأبنه الأكبر عبد الله المأمون وخاصة أن أمه فارسية.

وبعد أربعة أعوام قام الرشيد بعقد البيعة لأبنه القاسم الذي لقب بالمؤتمن، من بعد أخويه، وذكر ابن خلدون أن أسباب إنقلاب الخليفة هارون الرشيد على البرامكة هو إستبدادهم على الدولة وإحتجافهم أموال الجباية، حتى كان الخليفة يطلب اليسير من الأموال فلا يصل إليه والتدخل في أمور الدولة والحكم بغير حق، وذكرت أيضا بعد كتب التاريخ أنه من أحد أسباب معركة البرامكة هو علاقة بين العباسة أخت هارون وجعفر بن يحي البرمكي الذي كان في منزلة أخ للرشيد وخليله في المجالس، وبعد محاولة البرامكة في إفشاء الفتنة بين الأخوين والتدخل في أمور الدولة بغير حق وبعد نجاح الوشايات والدسائس في تشويه صورة البرامكة عند الخليفة بدأت الأمور تسلك طريقا جديدا.

فيقال أنه أمر كاتبه بكتابة رسائل إلى جميع ولاته، أمرهم فيها بقطع رؤس كل البرامكة وإرسال جميع أموالهم إلى بيت مال المسلمين وإلحاق كل بيوتهم وقصورهم ببيت المال، وأمر بضرب رأس جعفر بن يحيي أيضا في تلك الليلة، كما أمر بإدخال يحي بن خالد البرمكي وأبناءه الفضل ومحمد وموسى السجن، وأمر بضرب رؤسهم في الصباح ومعهم ألف برمكي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى