الحضارة الفرعونية .. أسرار أذهلت الباحثين حول العالم

اعداد/ رانيا البدرى
عُرفت الحضارة الفرعونية بتراثها الغني ورموزها الغامضة التي ما زالت تثير دهشة الباحثين والمهتمين حتى اليوم. من بين أبرز هذه الرموز، الأبواب الوهمية التي تُعتبر تجسيدًا لفكرة الانتقال بين الحياة والموت، والعالم الأرضي والعالم الآخر. استُخدمت هذه الأبواب كوسيلة للتواصل مع الآلهة ولتأمين حياة أبدية للمتوفى، مما يجعلها واحدة من أعظم الابتكارات الرمزية في الثقافة المصرية القديمة.
في هذا التقرير، نستكشف أسرار الأبواب الوهمية، أسباب تسميتها، ورمزيتها العميقة، مع تسليط الضوء على أمثلة بارزة موجودة الآن في المتحف المصري بالتحرير والمتحف المصري الكبير.
الأبواب الوهمية هي عناصر معمارية كانت تُستخدم في المقابر الفرعونية، خاصة في العصور القديمة. صُنعت هذه الأبواب غالبًا من الحجر الجيري، وظهرت على جدران المصليات الجنائزية كنافذة رمزية بين عالم الأحياء والعالم الآخر. كانت تُصور الأبواب بأشكال هندسية دقيقة، تحمل نقوشًا بارزة وألوانًا تُجسد لحظات العبور الروحي للمتوفى.
سُمِّيت الأبواب الوهمية بهذا الاسم لأنها لم تكن تُستخدم كبوابات فعلية للمرور المادي، بل كانت تمثل بوابة رمزية يمر من خلالها «كا» المتوفى، وهو أحد الجوانب الروحية للإنسان وفق العقيدة المصرية القديمة. اعتُقد أن هذه الأبواب تُسهِّل انتقال الروح بين العالمين، وأنها تُتيح للمتوفى تلقي القرابين من العالم الأرضي.
في المعتقدات الفرعونية، كان العالم الآخر مكانًا أبدياً يُكافأ فيه الصالحون ويُحاسب فيه الأشرار. لذلك، صُممت الأبواب الوهمية لتكون نقطة اتصال مع الآلهة، مثل أوزوريس وأنوبيس، ولحماية الروح من الأخطار المحتملة. غالبًا ما زُينت الأبواب بمشاهد دينية ورسومات تعكس رحلة الروح وعلاقتها بالعالم الإلهي.
تميزت الأبواب الوهمية بتصميمات معمارية غاية في الدقة والإبداع. كانت تتكون من لوح حجري مستطيل يحتوي على إطار ونقوش تمثل الباب نفسه. داخل هذا الإطار، كان يُنقش شكل الباب الحقيقي مع صورة المتوفى في وضعية الاستقبال، وكأنه يفتح الباب لاستقبال القرابين.وفي إحدى المقابر الملكية، اكتُشفت باب وهمي مخصص للملكة حتب حرس، والدة الملك خوفو. كانت النقوش تُظهر الملكة وهي تتلقى القرابين من الكهنة، بينما تحميها الآلهة في رحلتها نحو العالم الآخر.
وفق الأساطير، كانت بعض الأبواب الوهمية تمثل مدخلًا إلى عالم أوزوريس، حيث يُحاكم المتوفى أمام 42 قاضيًا. النقوش على هذه الأبواب كانت ترمز إلى الطهارة والاستعداد لمواجهة الحساب. وفي إحدى المقابر الصغيرة، وُجد باب وهمي يحمل نقوشًا لرجل بسيط كان يعمل في الزراعة. القصص المحفورة تُظهر أمله في حياة أفضل في العالم الآخر، حيث يلقى المكافآت التي حُرم منها في حياته.