الحكمة فى ماء الحياة: بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله بلطفه تنكشف الشدائد وبصدق التوكل عليه يندفع كيد كل كائد، ويتقى شر كل حاسد، أحمده سبحانه وأشكره على جميع العوائد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له في كل شيء آية تدل على أنه الأحد الواحد، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، جاء بالحق، وأقام الحجة على كل معاند صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه السادة الأماجد والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد قيل أنه لم تقف الحكمة فى ماء الحياة ولكن انظر إلى هذه المياه المختلفة، فإن ماء الأذن مر، وماء العين مالح وماء الفم عذب، فإقتضت رحمة الله أنه جعل ماء الأذن مرا فى غاية المرارة لكى يقتل الحشرات والأجزاء الصغيرة التى تدخل الأذن، وجعل ماء العين مالحا ليحفظها لأن شحمتها قابلة للفساد فكانت ملاحتها صيانة لها.
وجعل ماء الفم عذبا ليدرك طعم الأشياء على ما هى عليه إذ لو كانت على غير هذه الصفة لأحالها إلى غير طبيعتها، حقا لا نملك إلا أن نقول سبحان الله العظيم، ولقد دعا الإسلام إلى نظافة المياه وذلك بالمحافظة على تنقيتها وطهارتها، وعدم إلقاء القاذورات والمخلفات والبقايا فيها، بإعتبار أن الماء أساس الحياة، وقد جاءت أوامره صلى الله عليه وسلم ناهية عن أن يبال في الماء الراكد، كما يشمل النهي البول في الماء الجاري وفي أماكن الظل بإعتبارها أماكن يركن إليها المارة للراحة من وعثاء السفر، وعناء المسير، وربما لأن الشمس لا تدخلها فلا تتطهر فتصبح محط الأوبئة وموضع الأمراض، والعلة من ذلك حتى لا تنتشر الأمراض والجراثيم، وبهذا سبقت السنّة بالحث على حماية البيئة من التلوث، بل عُدّ للمقصر في الطهارة عذاب أليم.
كذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإسراف في الوضوء، وإذا كان هذا في شأن عبادة، فما ظنك بما دون العبادة ؟ كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن أن يزيد على وضوئه ثلاث مرات، فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال “جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء، فأراه الوضوء ثلاثا ثلاثا، ثم قال “هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا، فقد أساء، وتعدى، وظلم ” رواه النسائي، فالماء نعمة عظمى، وهبة ومنحة كبرى، ورسولنا المصطفي صلى الله عليه وسلم ضرب للأمة أروعَ الأمثلة في المحافظة على هذه النعمة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال “كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع، إلى خمسة أمداد، وإن الإنسان المعاصر يسرف في الماء اسرافا لا حدود له.
وقد وصل إستهلاكه للماء إلى أرقام من الإسراف مخيفة، وبخاصة ما يصرف في الإستحمام والمراحيض والسباحة، وسقي الحدائق وأمثالها، والمستعمل في الشرب والطهي لا يتجاوز نسبة اثنين بالمائة، فاللهم انصر المجاهدين، وأعل كلمة الدين، وانصر عبادك الموحدين، اللهم أخز اليهود، وأعداء الدين والمشركين، اللهم اهزمهم، انصر المسلمين عليهم، وأخرج اليهود من بيت المقدس أذلة صاغرين، اللهم اهتك أستار المنافقين، اللهم من أراد إشغال المسلمين عن دينك باللهو فامكر به يا رب العالمين، واجعل كيده في نحره، اللهم إنا نسألك الأمن والإيمان، وطاعتك يا رحمن، اللهم آمنا فيا الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، واغفر لنا يا عزيز يا غفور، اللهم أنزل علينا من بركاتك وأخرج لنا من خيرات الأرض وبارك لنا في ثمارنا وزروعنا يا ذا الجلال والإكرام.