الدكـــروري يكتب: منزلة الأخلاط الرديئة في البدن

 

الحمد لله وفق من شاء لعبادته، أحمده سبحانه وأشكره على تيسير طاعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وعد المؤمنين بلوغ جنّته، وحذّر العصاة أليم عقوبته، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، كان إماما في دعوته، وقدوة في منهجه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، صلاة دائمة حتى نبلغ دار كرامته، أما بعد فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالي، إن من ثمرات الصبر للعبد هو لذة الإيمان وحلاوته لمن صبر على ترك المعاصي قال ابن تيمية وكذلك ترك الفواحش يزكو بها القلب وكذلك ترك المعاصي فإنها بمنزلة الأخلاط الرديئة في البدن ومثل الدغل في الزرع، وللصابر ثلاث بشائر بشر الله بها فقال تعالى ” وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ” 

ومن أعظم فوائد الصبر هو الإستقامة على شرع الله تعالي والثبات على الدين والحذر من سوء الخاتمة والوقاية من الإنحرافات والسلامة من الشرور، وإن الصبر ثلاثة أنواع، فالنوع الأول وهو ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ أداء الطاعة بحيث يحتسب الأجر في فعلها ويصبر على مشقتها ويؤديها على الوجه المشروع ويداوم على فعلها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبر على مشقة قيام الليل فيقوم قياما طويلا حتى تفطرت قدماه ولامته السيدة عائشة رضي الله عنها فقال “أفلا أكون عبدا شكورا” متفق عليه، وأما النوع الثاني من الصبر هو ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻋﻦ إرتكاب معصية الله بحيث يجاهد هواه والشيطان ويصبر على مشقة ترك المألوف وإجتناب الفساد وأهله. 

وقد صبر النبي يوسف عليه السلام عن إرتكاب الزنا حين أغرته امرأة العزيز وإجتمعت له دواعي الشهوة وتيسير أمرها وغاب عنه الرقيب فصبر صبرا عظيما لقوة إيمانه وإستحضاره مراقبة الله عز وجل وإستحيا من الله فعصمه الله عن الوقوع في الفاحشة وحماه من الرذيلة، وأما عن النوع الثالث من الصبر هو ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﺪﺍﺭ المؤلمة بحيث يصبر على مشقتها والآثار المترتبة عليها ويتجنب جميع الأقوال والأفعال التي تسخط الرب، وقال النبي صلى الله عليه وسلم “إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوما إبتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط” رواه الترمذي، ولا يؤجر المؤمن على صبره إلا إذا إحتسب الأجر من الله بأن يوقن أن الله قدر عليه هذه المصيبة لحكمة بالغة ليبتليه ويختبر إيمانه. 

ويرفع درجته ويكفر سيئاته وأنه إذا صبر عليها جازاه الله بالثواب في الآخرة، ويدخل في الصبر على المصائب ﺗﺮﻙ ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻠﻮﻯ ﻟﻐﻴﺮ الله لأن الشكوى للمخلوق مذلة ومناف لمعنى الصبر ونقص في التوكل والنبي أيوب عليه الصلاة والسلام لما ابتلي شكى إلى ربه ﻣﻊ ﺩﻋﺎﺋﻪ ﻓﻲ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻀﺮ ﻋﻨﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ ” وأيوب إذ نادي ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ” وقد أثنى الله عليه بصفة الصبر فقال ” إنا وجدنا صابرا ” وقال سفيان الثوري ” ثلاثة من الصبر لا تحدث بمصيبتك ولا بوجعك ولا تزك نفسك” بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى