طريق الفاحشة والرذيلة .. بقلم / محمـــد الدكـــرورى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد إن هناك أحاديث منتشرة لا تصح ومنها حديث ” ركعتان من المتزوج أفضل من سبعين ركعة من الأعزب” والدرجة لهذا الكلام أنه موضوع، ومن الأحاديث التي لا تصح هو حديث ” الزاني يُزنى به ولو بجدار بيته” أو بلفظ ” من زنى، زُني به، ولو بحيطان داره” والدرجة أنه موضوع، وكما أن من الأحاديث التي لا تصح هو حديث “من سره أن ينسأ في عمره وينصر على عدوه ويوسع عليه في رزقه ويوقى ميتة السوء فليقل سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ملء الميزان ومنتهى العلم ومبلغ الرضا وزنة العرش ثلاث مرات صباحا ومساء” والدرجة هو موضوع.
ولقد حثت شريعتنا الغراء على مكارم الأخلاق ونهت عن مساوئها لما يترتب على إنتشار الأخلاق السيئة من أضرار على الأفراد والمجتمعات، وقد جاءت الشريعة بحفظ النسل والأعراض من كل ما يدنسها أو يعدو عليها فشرعت أقسى العقوبات لمن سولت له نفسه الإعتداء على أعراض الآخرين فقال تعالي كما جاء في سورة النور ” الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله” وهذه العقوبة لمن كان غير محصن أما الزاني المحصن فحده في الشرع الرجم حتى الموت، كما حرمت الشريعة الزواج ممن عرف بالزنا حيث قال الله تعالي كما جاء في سورة النور ” الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين”
وليس ذلك فحسب بل أعلت الشريعة شأن المحافظة على الأعراض حتى رفعت منزلة من مات دون عرضه إلى درجة الشهداء حيث جاء في الحديث الشريف ” ومن مات دون عرضه فهو شهيد” وربّت هذه الشريعة أبناءها على الغيرة، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ” تعجبون من غيرة سعد؟ والله لأنا أغير منه، والله أغير مني ” أما الذي لا يغار فلا خير فيه إنه يسلك سبيلا إلى النار ويبتعد بنفسه عن الجنة، بل يجعل عرضه مباحا لكل من هبّ ودبّ، وهذا هو الديوث، إنه الذي لا يغار على عرضه أو يعلم بفحشهم وسوء سلوكهم ويغض الطرف عن ذلك، إنه يعرض نفسه للذل والهوان، فما زال العرب والمسلمون يعظمون شأن الأعراض والحرمات فيعظمون من يدفع عن عرضه وحريمه ولو بذل في سبيل ذلك ماله وروحه.
فيقول القائل أصون عرضي بمالي لا أدنسه، لا بارك الله بعد العرض في المال، أما من يتهاون في هذا الباب فإنه ساقط في الدنيا وساقط في الآخرة بعيد عن الله وبعيد عن الجنة، فجاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة، العاق لوالديه والمرأة المترجلة والديوث” ولا يصاب بهذا الداء العضال إلا عديم المروءة ضعيف الغيرة رقيق الدين، فتراه لا يبالي بدخول الأجانب على محارمه ولا يبالي باختلاطهن بالرجال أو تكشفهن، بل يعجب المرء حين يرى هؤلاء من أشباه الرجال يشترون لنسائهم الثياب التي تكشف أكثر مما تستر، وتشف وتصف مفاتن الجسد وهو فرح بإطلاع الناس على عورات نسائه ومن ولاه الله تعالي أمرهن، مفاخر بتحررهن من العفة والفضيلة وسيرهن في طريق الفاحشة والرذيلة.
ومثل هذا ميت في لباس الأحياء، ويقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله “إن من ثمرة الحمية الضعيفة قلة الأنفة من التعرض للحُرم والزوجة، وإحتمال الذل من الأخسّاء، وصغر النفس وقد يثمر عدم الغيرة على الحريم، فإذا كان الأمر كذلك إختلطت الأنساب، ولذلك قيل كل أمة ضعفت الغيرة في رجالها ضعفت الصيانة في نسائها”