الدكـــروري يكتب: ألا أخبركم عن النفر الثلاثة

 

 

الحمد لله مصرّف الأوقات وميسر الأقوات فاطر الأرض والسماوات أهل الفضل والمكرمات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خلقنا لعبادته ويسر لنا سبل الطاعات، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، جاء بالحنيفية السمحة ويسير التشريعات، اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد أفضل المخلوقات وأكرم البريات وعلى آله السادات وأصحابه ذوي المقامات والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم العرصات أما بعد فاتقوا الله عباد الله وكلوا من الطيبات واعلموا الصالحات فاليوم حياة وغدا ممات، ثم أما بعد قيل أنه خرج النبي صلى الله عليه وسلم مرة على حلقة من أصحابه، فقال ما أجلسكم؟ قالوا جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام، ومنّ به علينا، قال آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟ 

قالوا والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني، أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة” رواه مسلم، وروى أيضا عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد والناس معه، إذ أقبل نفر ثلاثة، فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد، قال فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر فجلس خلفهم، وأما الثالث فأدبر ذاهبا، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟ أما أحدهم فأوى إلى الله، فآواه الله، وأما الآخر فإستحيا، فإستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض، فأعرض الله عنه” وتدل هذه الأحاديث ونحوها على أمور منها.

هو إستحباب الجلوس لمدارسة العلم الشرعي الذي به تعلم أصول الإيمان وشرائع الإسلام، وبه يعرف الحلال من الحرام، وفضل حلق الذكر في المساجد وإستحباب دخولها ومجالسة أهلها وكراهة الإنصراف عنها من غير عذر، وإستحباب القرب من كبير الحلقة ليسمع كلامه سماعا بينا ويتأدب بأدبه، وفيها أن من انضم إلى مجالس العلم فإنما دخل مجلس ذكر الله تعالى أو دخل مجلسَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومجمع أوليائه وإنضم إليه، ومعنى آواه الله في قوله صلى الله عليه وسلم “أما أحدهم فأوى إلى الله، فآواه الله” أي قبله وقرّبه، وقيل معناه رحمه أو آواه إلى جنته، أي كتبها له، وفيها من ثمرات وفضائل هذه المجالس أن الملائكة تحف أهلها، وتنزل عليهم السكينة وتغشاهم الرحمة ويباهي الله تعالى بهم أهل السماء.

بل إن فضل مجالس الذكر لا يقتصر على الذاكرين فحسب، بل يشمل جليسهم فإنه يندرج معهم في جميع ما يتفضل الله تعالى به عليهم إكراما لهم ولو لم يشاركهم في أصل الذكر، واليوم ومع تجدد وسائل العصر، وسهولة الإستماع والإنضمام إلى مجالس الذكر عبر برامج التقنية الحديثة فإنه يرجى لمن فعل ذلك مع عدم تيسر حضور تلك المجالس الثواب والأجر من الله تعالى، فاللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمّر أعداء الدين، اللهم انصر جنودنا المرابطين على الحدود والثغور وفي الداخل يا قوي يا عزيز، اللهم وفق ولاة أمورنا بتوفيقك، وأيدهم بتأييدك، واجعل عملهم صالحا في رضاك، وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على الخير وتعينهم عليه يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى