كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون .. الكاتب/ محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله رب العالمين العالم بالبواطن والظواهر، المطلع على جليل الأمور ودقيقها، والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه، الراجي أن يكون أخشانا لله، وأعلمنا بما يتقي، وعلى آله وأصحابه الركع السجود، ومن تبعه على الحق والهدى إلى يوم الحشر والتناد أما بعد لقد إنقسم الناس في شأن العقل إلى قسمينن هما غالي فيه معتقد، وجاف عنه منتقد، فالأول جعل العقل أصلا كليا أوليا، يستغنى به عن الشرع، والثاني أعرض عن العقل وعابه وقطع أسبابه، وكلاهما إنحرف وزل وما إهتدى فيما به إستدل وخيارهم وسعداؤهم أهل السنة والجماعة، المنصفون المتوسطون، المعتدلون المقسطون، يستدلون بالعقل بإطباق ولكن دون إطلاق بل في منهجية تضبط مسباره، وتحدد وفق الشرع مساره، وتحقق موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول. 

كما قال تعالى ” كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون ” ولبناء العقل الراجح الوقاد، والرأي الحصيف النقاد، والمجتمع الرصين المتواد، نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون المسلم إمعة سبهللا، فعن حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “لا تكونوا إمعة، تقولون إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا” رواه الترمذي، والإمعة هو ضعيف الرأي الذي يقول لكل أحد أنا معك، ومرماه صلى الله عليه وسلم كلما كمل عقل المرء وتم، كان إحرازه للفلاح أشمل وأعم، فيا أمة الإسلام أين العقول والنهى والأحلام؟ أين الحصافة والرزانة في الألباب والإحكام؟ حين تبنى على مجرد التغريدات المواقف والأحكام

ويح المقلدين العميم دون تفكير يهدي ويبين، فإن الحاجة ملحة إلى وضع ميثاق شرف قيمي يضبط مسار الإعلام الجديد قبل أن يقضي على ما بقي من دين الأمة وعقولها، وأمنها ووحدتها وإستقرارها، وتماسكها وأعراضها، ومن حفظ الإسلام للعقل والسمو به في أزكى المعارج هو محاربته للوثات العقدية والإلحادية، والشركية والبدعية، ومجانبته للخرافة والأوهام التي التاثت بعقول فئام من الناس، فأوبقتهم أرقاء الوهم والحذر، وأُسارى الخوف والضرر، وتلك الظنون والتخرصات والمحدثات، ونحوها من السحر والشعوذات، أو أضغاث الأحلام والمنامات، التي استخفت بكثير من العقول في المجتمعات، وتروج لها اليوم بعض الفضائيات وشبكات المعلومات، متى انسلت للأمة أوهنتها ووأدتها.

ولبناء الأُمم على العقول الرواجح، والأخلاق السواجح، والمقاصد النواجح لزك إحتضان الشباب والجيل والناشئة، والعناية بمغارسها حتى يتم في غوارب العقل رائع اكتهالها، وفي متون الحكمة بديع اكتمالها، وأن نكون لذلك متطلعين، وفيه بحق متضلعين، ولا أنفع في ذلك ولا أكرم، ولا أجدى ولا أعظم من الإكباب على هدي الوحيين الشريفين فإنهما يزكيان العقول والخواطر، ويدران من صوادق الرأي ومحكم الفكر الرهام والمواطر، والتزام حسن الظن بالمسلمين، وإصلاح النوايا والسرائر، وللعقل أمارات على صاحبه، وصفات تدل عليه، فأول صفات العاقل العقل عن الله تعالى في أمره ونهيه، والإيمان به، والاتباع لرسله، فقال تعالى ” أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى