المسارعة إلى العبادة ..بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

 

الحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك رضينا بالله تعالى ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبيا ورسولا ثم اما بعد إن من التربية الإيمانية والأخلاق الإسلامية هو المسارعة إلى العبادة، ووصف الله تعالي عباده الصالحين وهم زكريا وأهله بأنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود “التؤدة في كل شيء خير إلا في عمل الآخرة” فإنه لا تؤدة ولا إنتظار وإنما هو مسارعة ومسابقة، وهذه المسارعة والمسابقة تدل على عمق الإيمان في النفس، فإنه كلما تأصل الإيمان في النفس كان العبد إلى المسارعة في مرضاة ربه أكثر.

ولما دنا المشركون من المسلمين في غزوة بدر، قال النبي صلى الله عليه وسلم ” قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض” وقال أنس بن مالك رضي الله عنه راوي الحديث والحديث في صحيح مسلم قال يقول عمير بن الحمام الأنصاري يا رسول الله جنة عرضها السماوات والأرض؟ قال نعم، فقال عمير بخ بخ وهذه كلمة تطلقها العرب لتفخيم الأمر وتعظيمه بخ بخ فقال رسول الله ما يحملك على قولك بخ بخ؟ قال لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها ما قصدت بهذه الكلمة إلا وأنا أرجو أن أكون من أهل هذه الجنة التي عرضها كعرض السماء والأرض، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلامه وحي يوحى ” فإنك من أهلها، فأخرج تمرات من قرنه، فجعل يأكل منهن، ثم قال لإن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة” 

قال فرمى بما كان من التمر ثم قاتل حتى قتل رضي الله عنه، كانوا يتسارعون إلى طاعة الله تعالي، فإذا نادى المنادي وأذن المؤذن وقد رفع أحدهم مطرقته، ألقاها وراء ظهره ثم سارع إلى الصلاة، وكما أن من الأمور التي تدل على أن السلف رحمهم الله كانوا مجتهدين في العبادة هو الإستمرار على العبادة، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن ربه عز وجل ” وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه” وكلمة ما يزال في هذا الحديث تدل على الإستمرارية، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ” تابعوا بين الحج والعمرة” وهذه المتابعة تفيد القيام بالشيء تكرارا ومرارا وهذا المبدأ وهو الإستمرار على العبادة مهم في تقوية الإيمان وعدم إهمال النفس حتى لا تركن وتأسن، والقليل الدائم خير من الكثير المنقطع. 

ذلك أن بعض الناس إذا سمع خطبة أو شريطا أو موعظة يتحمس للعبادة، قد يتحمس للعبادة ويستمر في هذا الحماس أياما ولكنه بعد ذلك ينطفئ حماسه ويعود إلى سابق عهده من الدعة والكسل عن العبادات والتقاعس عن الأعمال الصالحة، ولذلك فإن من التربية أن يعود الإنسان نفسه على الإلتزام بقدر من العبادة يداوم عليها من الأعمال المشروعة، أما الواجبات فلا بد من القيام بها دائما، لكن المستحبات مثل قراءة القرآن وذكر الله، ونحو ذلك لا بد أن يعود الإنسان نفسه على القيام بشيء منها، لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال أدومها وإن قل، أي أن المسلم مطالب بأن يستمر، وهذا معنى المداومة، وروى الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عمل عملا أثبته فداوم عليه وإستمر عليه”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى