الدكـــروري يكتب: التحذير من الخيانة

الحمد لله رب العالمين، الله تعالى ولي المتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، خلق السموات والأرض بالحق، يكور الليل على النهار، ويكور النهار على الليل، خلق فسوى وقدر فهدى، مالك الملك، وأشهد أن لا إله إلا هو شهادة ظهر نورها ولاح، وغدا برهانها وراح، وعلا ذكرها وساح، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، ومصطفاه من خلقه وخليله، وأمينه على وحيه وحبيبه، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وأزواجه، وذريته الطيبين، وأصحابه الميامين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد إن الدين أي القرض أمانة، فكم من الناس من قد أخذ أموالا ثم تفنن بعد ذلك في أكل هذه الأموال، وفي خيانة هذه الأمانة.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول “من أخذ أموال الناس ينوي أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله ” رواه البخاري، وكم عدد هؤلاء الذين نهبوا البنوك بل ونهبوا الدولة، بل ونهبوا الأمة، وخانوا الأمانة، وأكلوا أموال الناس بالباطل ولو وقفنا مع جزئيات الخيانة على مستوى الأفراد لطال الوقت جدا، وقد تضافرت النصوص الشرعية في التحذير من الخيانة، وقد تكرر لفظ الخيانة ومشتقاتها في القرآن الكريم في أكثر من ثلاثين مرة، فالله تعالى يحذرنا من خيانته، وخيانة رسوله المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم، وخيانات الأمانات عموما، والخيانة جريمة كبيرة، وعقوبتها شديدة، وكل من اسند إليه أمر من أمور المسلمين، ولم يقم به، ولم يؤده على الوجه المطلوب مع قدرته فهو خائن غادر.
فالخيانة تكون في أمانات الناس، وما افترضه الله تعالى على عباده وائتمنهم عليه، وما أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم من واجبات، فمن ضيّع شيئا مما أمر الله تعالى به، ورسوله صلى الله عليه وسلم، أو ارتكب شيئا مما نهى الله سبحانه عنه، ورسوله صلى الله عليه وسلم فلا يكون عدلا وقد لزمه اسم الخيانة، وهو اللائق به، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأداء الأمانة، وحذر من الخيانة، والمؤمن مفطور على الأمانة وسلامة الخُلق إذ لا تجتمع فيه صفتا الخيانة والأمانة جميعا، وإن الخيانة سبيل كل شر، وداء وبيل إذا استشرت كان ذلك سببا في إنحلال أمر المسلمين، والخائن تردّ شهادته ولا تقبل تعزيرا له، وتنفيرا للناس من هذا الخُلق البغيض، وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الخيانة
وتوعد صاحبها بالنار، ومن صفات المؤمنين المفلحين رعايتهم للأمانة، وبالمقابل فإن صفة الخيانة ملازمة للمشركين والمنافقين، فالمؤمنون والمؤمنات هم الذين قاموا بالأمانة ورعوها، وأما المنافقون والمنافقات والمشركون والمشركات فقد أظهروا الأمانة كذبا وزورا، وهم خونة، فسمة الخيانة وصف لهم لكونهم يخونون الأمانات، ويخادعون الناس في أموالهم، وينتقضون عهودهم وأعراضهم، وقد إستعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الخيانة لأنها أسوأ ما يبطنه الإنسان، فاللهم اجعلنا من أهل الأمانة، اللهم اجعلنا أهلا للأمانة، اللهم رد الأمة إلى الأمانة ردا جميلا، اللهم رد الأمة إلى الأمانة ردا جميلا، هذا وصلوا عباد الله على رسول الهدى فقد أمركم الله بذلك، فاللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين.