اللغة العربية تاج الحضارة و نبراس البيان

اعداد/ الزهرة العناق
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله الذي أنزل القرآن الكريم بلسان عربي مبين، وخص أمتنا بلغة حملت معاني الإعجاز، واحتوت أسرار الكون والشرائع.
في رحاب الفكر والبيان، نحتفي باليوم العالمي للغة العربية، هذه اللغة الخالدة التي تجاوزت كونها وسيلة للتواصل، لتصبح وعاء للهوية، وحصنا للمعرفة، وجسرا بين الماضي والمستقبل. إنها لغة لا يطفئ وهجها الزمن، ولا ينال من عظمتها أي تحد.
✍️اللغة العربية في القرآن الكريم
لقد كرم الله تعالى اللغة العربية بأن جعلها لغة كتابه الخالد. يقول سبحانه وتعالى:
«إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» (يوسف)
في هذه الآية يتجلى إعجاز اللغة العربية؛ فقد اختارها الله وعاء للمعاني الربانية، لما فيها من قدرة فريدة على استيعاب دقائق التعبير ودقة الإيضاح. ولم تكن العربية مجرد لغة للإعراب أو النطق، بل وسيلة لفهم أعمق معاني التوحيد والحكمة.
ويقول تعالى:
«وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا» (الشورى)
هنا يظهر تكليف اللغة العربية بمهمة عالمية، فهي ليست حكرا على العرب، بل هي لغة للعالم أجمع، تنذر و تهدي، وترتقي بالفكر والروح.
✍️اللغة العربية في السنة النبوية
أما في السنة النبوية، فقد ورد عن رسول الله ﷺ قوله:
“أحبوا العرب لثلاث: لأني عربي، والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي” (حديث حسن).
هذا الحديث يبرز مكانة اللغة العربية، ليس فقط كوسيلة للتعبير، بل كرمز للارتباط بالرسالة الخاتمة. فاللغة العربية هي مفتاح لفهم السنة والقرآن، وهي لغة أهل الجنة، مما يزيدها شرفا وأهمية.
✍️عظمة اللغة العربية بين الحضارات
اللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي فن بحد ذاتها، تتقاطع فيه الفصاحة مع الإبداع. لقد حملت العربية العلوم والفنون، فكانت لغة الفلاسفة في بغداد، ولغة الأطباء في قرطبة، ولغة الشعراء في مكة والمدينة.
لقد صمدت أمام تحديات الزمن، حيث يقول الشاعر حافظ إبراهيم في قصيدته “لغة الضاد”:
أنا البحر في أحشائه الدر كامن
فهل سألوا الغواص عن صدفاتي؟
اللغة العربية هي حقا بحر شاسع، تتسع لكلمات لا تحصى، و معان لا تحد، مما جعلها لغة العلوم والفكر لقرون طويلة.
✍️واجبنا تجاه اللغة العربية
الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية ليس مجرد ذكرى، بل هو دعوة للعمل. فمن واجبنا:
⚡تعليمها ونشرها: أن نجعلها حاضرة في حياة الأجيال القادمة، في المدارس والجامعات، في الإعلام والبحث العلمي.
⚡إحياؤها في الخطاب اليومي: ألا تصبح غريبة بين أبنائها، بل لغة التعبير الأولى في حياتنا اليومية.
⚡تعزيز دورها في التكنولوجيا: أن تكون رائدة في البرمجيات والمواقع، منافسة للغات العالمية الأخرى
أخيرا وليس آخرا، اللغة العربية ليست مجرد كلمات وحروف، إنها هوية، تاريخ، وحضارة.
إنها الجسر الذي يربطنا بأمجاد الماضي، و البوصلة التي توجهنا نحو مستقبل مشرق. ففي اليوم العالمي للغة العربية، لنجدد عهدنا بحب هذه اللغة، ونسعى بكل ما أوتينا من قوة للحفاظ عليها ونشرها.
قال تعالى:
«وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ» (فصلت)
فلتكن اللغة العربية هي ذلك القول الأحسن، والعلم الذي نرفعه بكل فخر واعتزاز.