التفريط في أمانة الأسرة .. بقلم الكاتب / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي كان بعباده خبيرا بصيرا، وتبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، ثم أما بعد إنه على الموظف والمرءوس وعلى العامل والخادم أن يؤدي كل منهم العمل المناط به على أكمل وجه وأحسنه، فذلك من الأمانة، ولا بد أن يستنفد جل وقته وكل جهده في إكمال عمله وتحسينه، أما من فرط في أداء عمله المنوط به، كمن يسرق مكان عمله، أو يبيع سلعة رخيصة بثمن باهض ويأخذ الباقي دون علم صاحب العمل، أو من يقوم بإستخدام آلات العمل وأجهزته ومعداته من أجل مصالحه الشخصية، أو من يأخذ شيئا من عمله لبيته أو لغيره دون إذن مسبق أو يسرق آلات الحرب ومعداته من عمله.
أو يؤخر معاملات المسلمين من أجل حفنة قذرة من أوساخ الدنيا، فتلك الأعمال وغيرها من السرقة والغلول والعياذ بالله، قال تعالى ” ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ” ومن الغش الواقع اليوم وهو أعظم الغش وأضره على الإنسان والمجتمعات والبيوتات هو التفريط في أمانة الأسرة من زوجة وأولاد، فهذه هي الخيانة التي حذر منها الشرع وهذا هو الغش المحرم الذي أشار إليه الدين الحنيف ولهذا قال صلى الله عليه وسلم ” ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ” متفق عليه، فكم هم الأولياء الذين خانوا الله ورسوله، وخانوا أماناتهم وهم يعلمون، وذلك بإدخال وسائل الفساد إلى بيوتهم، من أطباق فضائية وإنترنت ومجلات خليعة ماجنة فاضحة.
ألا وإن موضوع الفضائيات والإنترنت لهو موضوع جدير بأن يوضع نصب الأعين ويكون أطروحة العلماء ومناقشة الدعاة والأولياء، لما تسببه من تفش للجريمة ووقوع في الرذيلة والأحداث والوقائع شاهدة على تحريم الفضائيات والإنترنت، فكم من أسرة مزق عفافها، وذهب حياؤها، وكم من بيت تفككت روابط المودة بين أهله، وكم هم صرعى الإنترنت الذين نشاهدهم اليوم، وكم هي المآسي والآلام والأحزان والأسقام التي تحيط بمجتمعات المسلمين من جراء تلك الفضائيات والإنترنت، فهي وسائل هدامة لا خير فيها ولا جدوى منها، ولقد خطط الأعداء كثيرا ودرسوا مليا من أجل إيقاع المسلمين في قاع الخنا وفاحشة الزنا وياعجبا لأمر المسلمين اليوم عرفوا الباطل فاتبعوه وأدركوا الخطر فاقتحموه.
إنهم كالجنادب تتهافت على النار فسبحان الله العظيم الحليم، هل من عودة صادقة للدين وهل من تمسك بالكتابين، فالويل للأولياء من رب الأرض والسماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء يعرف به ، فيقال هذه غدرة فلان ” رواه البخاري، فاللهم اهدنا، وأصلح نياتنا وذرياتنا يا رب العالمين، آمنا في الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، واغفر لنا يا عزيز يا غفور، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا أرحم الراحمين، اللهم احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا، أصلحنا حالنا يا أرحم الراحمين، واهدنا سبل السلام، وأخرجنا من الظلمات إلى النور.