الشباب وبراثن الفضائيات والرذيلة .. بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

الحمد لله ذي الجلال والإكرام حي لا يموت قيوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الحليم العظيم الملك العلام، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله سيد الأنام والداعي إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، ثم أما بعد، لقد انزلق الشباب المسلم في براثن الفضائيات والرذيلة وسقطوا في مستنقعات العار والفضيحة ووقعوا في بؤر الإسفاف ومراتع الاستخفاف وما تلكم التجمعات الفاشلة حول المحلات التجارية وعند أركان البيوت والهروب من المدارس والتواجد في الأزقة وأماكن قضاء الحاجة، والتعرض للمسلمين وأذيتهم، إلا دليل على أن هناك خللا يجب سده وخرقا يجب رقعه، فلابد من رأب الصدع وترميم جدار التربية، ألا فاتقوا الله أيها الآباء، فأنتم عند ربكم موقفون وعن ذريتكم مسؤولون فقال تعالى ” وقفوهم إنهم مسؤولون” وقال تعالى ” ثم لتسألن يومئذ عن النعيم “

فيا أيها الناس لقد تفاقم الوضع وتعاظم الأمر وتطاير الشرر، عندما تخلى الآباء عن مسؤولية التربية الصحيحة وأهملوا الإلمام بأسس العناية السليمة فليست التربية عنف كلها ولا رخو جلها، بل شدة في غير عنف ولين في غير ضعف، هكذا هي التربية، أما أن يعتقد أب أو تظن أم، أن التربية تكبيل بالسلاسل وضرب بالحديد والمناشير، وسجن في غرفة مظلمة مدلهمة، فيخرج لنا جيل تسيل دماؤه، وتنتفخ أوداجه يخاف من خياله ويهرب من ظله ويغضب ويثور لأتفه الأسباب، فيكن العداء لأمته والبغضاء لوطنه، فليس ذلك بمطلوب ولا مرغوب، ألا فاعلموا أيها الناس أن شريعة الإسلام لم تأت بمثل هذا العنف والجبروت والهجية والعنجهية، بل الإسلام دين الرحمة والرأفة، وخصوصا الرحمة ببني الإنسان.

فاتقوا الله أيها الآباء في فلذات الأكباد، ولا يقودنكم الغضب لظلم أبنائكم والإساءة إليهم، ثم تطلبون صلاحهم وطاعتهم، فذلكم النقيض وضده، ولا يلتقي النقيضان وربما كان هناك آباء فقدوا زمام التربية، فانحل أبناؤهم وضاع أولادهم، فلم ينصاعوا لأوامرهم، وهذا أمر مشاهد وملموس فهؤلاء الشباب الذين تجاوزوا العشرين من أعمارهم أو أقل، تراهم في الطرقات وفي السيارات ضياع وتيه، تعرفهم بسيماهم، قبلتهم الملاعب وتجارتهم المثالب وشرهم أكثر من خيرهم فآذوا الجار، وامتحنوا القريب وبعيد الدار، وإذا سألت عن أخبارهم تنبؤك عنها طواقيهم وقبعاتهم، غطرسة وعربدة، أينعت رؤوسهم وحان قطافها، فأين عنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لقد فقدت الأمة درته وسُلبت هيبته، فمن ضعف أمام أبنائه

فلا يتركهم هملا وسبهللا، بل يخبر عنهم الجهات المختصة حتى يكفون شرهم عن الناس، وقال الإمام ابن القيم رحمه الله ” من أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارا فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم ” فاللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين، اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم يا ذا الجلال والإكرام يا ذا الطول والإنعام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى