الدكـــروري يكتب: خيار عباد الله عند الله يوم القيامة

الحمد لله الذي نور بجميل هدايته قلوب أهل السعادة، وطهر بكريم ولايته أفئدة الصادقين فأسكن فيها وداده، ودعاها إلي ما سبق لها من عنايته فأقبلت منقادة، الحميد المجيد الموصوف بالحياة والعلم والقدرة والإرادة، نحمده على ما أولى من فضل وأفاده، ونشكره معترفين بان الشكر منه نعمة مستفاده، وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير شهادة أعدها من أكبر نعمه وعطائه، وأعدها وسيلة إلي يوم لقاءه، تعطف بفضل منك يا مالك الورى فأنت ملاذي سيدي ومعيني، لئن أبعدتني عن حماك خطيئتي فأنت رجائي شافعي ويقيني، ولست أرى لي حجة أبتغي بها رضاك إن العفو منك يقيني، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه.
الذي أقام به منابر الإيمان ورفع عماده، وأزال به سنان البهتان ودفع عناده، وشفع فيّ خير الخلائق طرا نبيا لم يزل أبدا حبيبا، هو الهادي المشفع في البرايا وكان له رحيما مستجيبا، عليه من المهيمن كل وقت صلاة تملأ الأكوان طيبا، وعلي اله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته واقتدى بهديه وإتبعهم بإحسان إلي يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين ثم أما بعد روي عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا و أبي حسيل فأخذنا كفار قريش، قالوا إنكم تريدون محمدا فقلنا ما نريده، ما نريد إلا المدينة، فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر، فقال “انصرفا نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم” رواه مسلم.
ومن صور وفائه صلى الله عليه وسلم ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها قالت “ابتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل من الأعراب جزورا بوسق من تمر الذخرة أي العجوة، فرجع به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته والتمس له التمر فلم يجده، فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ” يا عبد الله إنا قد إبتعنا منك جزورا بوسق من تمر الذخرة، فالتمسناه فلم نجده” قال فقال الأعرابي واغدراه قالت فهمّ الناس وقالوا قاتلك الله، أيغدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “دعوه فإن لصاحب الحق مقالا” ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال “يا عبد الله إنا إبتعنا منك جزائر و نحن نظن أن عندنا ما سمينا لك، فالتمسناه فلم نجده” فقال الأعرابي واغدراه فنهمه الناس وقالوا قاتلك الله، أيغدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “دعوه ، فإن لصاحب الحق مقالا” فردد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك مرتين أو ثلاثا، فلما رآه لا يفقه عنه قال لرجل من أصحابه “اذهب إلى خولة بنت حكيم بن أمية فقل لها رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لكي إن كان عندك وسق من تمر الذخرة فأسلفيناه حتى نؤديه إليك إن شاء الله، فذهب إليه الرجل، ثم رجع فقال قالت نعم هو عندي يا رسول الله، فابعث من يقبضه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل “اذهب به فأوفه الذي له” قال فذهب به فأوفاه الذي له، قالت فمرّ الأعرابي برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في أصحابه فقال جزاك الله خيرا، فقد أوفيت وأطيبت، قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك خيار عباد الله عند الله يوم القيامة، الموفون المطيبون” رواه أحمد .