ضياع شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. الكاتب / محمد الدكروري

 

 

الحمد لله الذي نصب الكائنات على وحدانيته حججا، وجعل لمن اتقاه من كل ضائقة مخرجا، وسبحان من أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه، أرسله رحمة للعالمين وقدوة للعاملين وحجة على العباد أجمعين، إفترض على العباد طاعته وتوقيره ومحبته، شرح له صدره ورفع له ذكره ووضع عنه وزره وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، هدى به من الضلالة وعلم به من الجهالة، وكثر به بعد القلة وأعز به بعد الذلة وأغنى به بعد العيلة، وبصر به من العمي وأرشد به من الغي وفتح برسالته أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا أما بعد عباد الله إن من أعظم المعاصي ضراوة وحدوثا وألما وإحداثا، هو ضياع شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 

في كثير من مجتمعات الإسلام، الشعيرة التي أمر بها الملك العلام وأمر بها رسول الأنام عليه الصلاة والسلام وحاربها كثير من الكُتاب ووسائل الإعلام دونما حسيب أو رقيب وما كتبوه عن الله لن يغيب في صور من الاستهزاء والهذيان والسخرية والاستهجان، ولقد خرج من كتّاب المسلمين من يستهزئ بهذه الشعيرة وبرجالها ؟ بل طالب بإزالتها وإلغائها، فويل لمن كتبوا وبئس ما كسبوا ولعلها لم تطرق أسماعهم آيات مسطرة سائدة، في سورة المائدة، ألا وإن من الكتاب من يطالب بوقف حلقات تحفيظ كتاب الله واعجبا لهم، ألا يخافون الله من فوقهم، ألا يخشون أن يخسف بهم، فلابد من الأخذ على أيدي السفهاء وإلا وقع في الأرض فساد كبير وشر مستطير، تدق معه نواقيس الخطر، مؤذنة بمساوئ وضرر، تأخذ الصالح والطالح، فإن الشيطان عدو البشرية جمعاء. 

حريص كل الحرص على صرف المسلم عن هذه الصلاة لأن من انصرف عن صلاته فحتما سينصرف عن بقية أحكام الشريعة وإنه والله لا دين لمن لا صلاة له ولا حظ له في الإسلام، ولا قدر له عند الله الملك العلام، فإن للشيطان حيلا ماكرة يمكر بها على المسلم حتى يضيع عليه دينه فيقذفه في نار جهنم والعياذ بالله، وله طرقا عديدة يحتال بها على ضعاف الدين، فإن إستطاع أن يمنع المسلم من الصلاة بالكلية فإنه يبذل لذلك كل ممكن وكل مستحيل وإن لم يتمكن من منعه منها إحتال عليه بمنعه من الصلاة مع الجماعة، فإن لم يستطع إلى ذلك سبيلا أغراه بالتكاسل حتى يؤخرها عن وقتها، فيحرم المسلم أجر الصلاة وتبقى عليه عقوبة تأخيرها وعمد ذلك فيها، وإن الواقع المر، والحاضر التعيس الذي تعيشه الأمة الإسلامية اليوم شاهد على إستحواذ الشيطان عليهم. 

إلا من رحم الله منهم وعصم وإلا فالغالبية العظمى والكثرة الكاثرة من المسلمين تهاونوا في أمر الصلاة وتقاصروا عن أدائها في أوقاتها، فما أصبرهم على النار، وإن حال المسلمين اليوم مع الصلاة حال محزنة وحال مخزية، فقد خف ميزان الصلاة عندهم وتساهلوا في شأنها، وصار التخلف عنها أمرا هينا، بل لا يلقى له بال ” رضوا بالحياة الدنيا من الآخرة، فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ” فاللهم ردنا إليك ردا جميلا، واجعل لنا ظلا ظليلا، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك، اللهم ارحمنا بترك المعاصي أبدا، فضلا منك ومنّا، فاللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا، فأرسل السماء علينا مدارا، اللهم سقيا رحمة لا سقيا بلاء، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، برحمتك يا أرحم الراحمين، يا خالق الخلق أجمعين، يا حبيب التوابين، يا رجاء المذنبين، يا غياث المستغيثين، يا أكرم الأكرمين، يا مجيب السائلين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى