الصوم في شهر رجب .. بقلم الكاتب/ محمـــد الدكـــرورى

الحمد لله، الحمد لله استخلف الإنسان في الأرض ليعمرها، وخلق له ما في السماوات وما في الأرض وسخرها، أحمده سبحانه وأثني عليه والى علينا نعمه وآلاءه لنشكرها، ومن رام عدّها فلن يحصرها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة حق ويقين أرجو عند الله أجرها وذخرها، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله رسم معالم الملة وأظهرها، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه كانوا أفضل هذه الأمة وأكرمها وأبرها، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا أما بعد فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله، فإتقوا الله عز وجل رحمكم الله وأخلصوا لربكم القصد والنية فإنما الأعمال بالنيات وإجتهدوا في الطاعة فقد أفلح من جد في الطاعات، والزموا الصدق في المعاملة.
فإن دين الله في المعاملات ثم أما بعد لقد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن شهر رجب المحرم وأما عن حادثة الإسراء والمعراج، وهل وقعت في شهر رجب أم لا ؟ فإن حادثة الإسراء والمعراج حادثة عظيمة، وآية كبيرة، ومعجزة للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وهي ظاهرة باهرة، وقد جاء إثباتها في القرآن العظيم، وتكاثرت فيها نصوص السنة النبوية الصحيحة، إلا أنه مع ذلك لم يصح في تعيين وقت وقوعها حديث واحد ولا أثر، لا عن النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، ولا عن تلامذتهم من التابعين، وقد إختلف العلماء في تحديد زمن وقوعها إختلافا كبيرا، فمنهم من قال إنها كانت في شهر ربيع الأول، ومنهم من قال في ربيع الآخر، ومنهم من قال في رجب، ومنهم من قال في رمضان.
ومنهم من قال في شوال، ومنهم من قال في ذي القعدة، ومنهم من جعلها في أوائل الشهر، ومنهم من جعلها في أوساطه، ومنهم من جعلها أواخره، ومن أضعف الأقوال قول من قال إنها كانت في شهر رجب في ليلة السابع والعشرين منه، حتى قال الفقيه المالكي الشهير بابن دحية رحمه الله ” وذكر بعض القصّاص أن الإسراء كان في رجب، وذلك عند أهل التعديل والتجريح عين الكذب” وقال الفقيه الشافعي ابن العطار الدمشقي رحمه الله ” وقد ذكر بعضهم أن المعراج والإسراء كان فيه، ولم يثبت ذلك” وأما عن الصوم في شهر رجب؟ فإنه لم يصح في فضل الصوم في رجب بخصوصه شيء عن النبي المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، وإنما يشرع فيه من الصيام ما يشرع في غيره من الشهور، من صيام الاثنين والخميس والأيام الثلاثة البيض وصيام يوم وإفطار يوم.
والصيام من سرر الشهر، ومعني سرر الشهر قال فيه بعض العلماء أنه أول الشهر وقال البعض أنه أوسط الشهر وقيل أيضا أنه آخر الشهر، وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينهى عن صيام رجب لما فيه من التشبه بالجاهلية كما ورد عن خرشة بن الحر قال رأيت عمر بن الخطاب يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول ” كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية” وقال الإمام ابن القيم ولم يصم رسول الله صلى الله عليه وسلم الثلاثة الأشهر سردا، أي رجب وشعبان ورمضان، كما يفعله بعض الناس ولا صام رجبا قط ولا إستحب صيامه، وقال الحافظ ابن حجر في تبين العجب بما ورد في فضل رجب، أنه لم يرد في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا في صيام شيء منه معيّن.
ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ وكذلك رويناه عن غيره، وفي فتاوى العلماء قالوا “أما تخصيص أيام من رجب بالصوم فلا نعلم له أصلا في الشرع “