الدكـــروري يكتب: وسيلة حقيقية وفعالة لرقي الأمم

الحمد لله ثم الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونستغفره، نحمده سبحانه أحاط بكل شيء خبرا، ونحمده بأن جعل لكل شيء قدرا، وأسبغ علينا وعلى العالمين من حفظـه سترا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله رحمة للعالمين كافة عذرا ونذر، اللهم صل على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم ووالاهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد، إن الإعجاب هو من الظواهر الخطيرة والفتن الكبيرة التي كثرت وعظم شأنها، فالإعجاب أو ما يسمى بالعشق والتعلق وهو الإفراط في المحبة، فتتركز فتنته غالبا على الشكل والصورة أو إنجذاب مجهول السبب لكنه غير متقيد بالحب لله ويدعى بعضهم أنها صداقة وهي ليست كذلك لأنها صداقة فاسدة لفساد أساس الحب فيها بعدم إنضباطها بضوابط الشرع.
والعشق رغم سهولة بداياته إلا أن نهايته إنتكاس للعاشق وخروج عن حدود الشرع ولهذا كان بعض السلف يستعيذ بالله من العشق فهو إفراط في الحب في أوله وهو عبودية للمعشوق في نهايته، وتضيع معها عبودية العبد لله ولهذا يجعلون الحب مراتب، أوله العلاقة ثم الصبابة ثم الغرام ثم العشق وآخر ذلك التتيم وهو التعبد للمعشوق فيصير العاشق عبدا لمعشوقه وإن سقوط الشاب في شباك العشق لهو من أخطر الأمور إذ أن الهوى من صفاته أنه يهوي بصاحبه وإذا ما إستحكم في القلب سيطر على العقل والفكر وهنا يقع الإنسان في عبودية هواه فيقول تعالي “أرأيت من إتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا” وإذا أردنا أن نتحدث عن أهمية الإتقان فيكفي أن نقول إن الإتقان للأعمال هو وسيلة حقيقية وفعالة لرقي الأمم ورفعة شأنها ماديا ومعنويا.
كما أن الإتقان هو سبيل مرضاة الله تعالى على عبده، إضافة إلى كونه هو المخرج الآن للأمة من التبعية للغرب أو الشرق، والقضاء على مشكلات كثيرة، كالبطالة وأطفال الشوارع وغير ذلك، وإن الإتقان فريضة شرعية وضرورة بشرية حيث أن للإتقان أهمية كبرى في تاريخ وحياة المسلمين، فقد عظمت الشريعة من أمر هذه القيمة ودعت الأمة إلى جودة أعمالها، وحُسن مهامها، فأوردت الشريعة لنا ما يفرض الإتقان ويجعله في أفضل العبادات وأعظمها أثرا في الدنيا والآخرة، ومن بين ما يؤكد فرضية الإتقان أن الله عز وجل قد خلق خلقه بإتقان وحُسن خلقة، فقال تعالى كما جاء في سورة النمل ” وتري الجبال تحسبها جامده وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون” فكل شيء في هذا الوجود يسير على وجه من الإتقان لأنه صدر عن الله تعالى.
وفي تلك الآية إشارة إلى عبيد الله بأن يتخلقوا بخلق الله في خلقه وصفته في الخلق والصناعة، ولقد جاء رجل إلى الإمام مالك ابن أنس رحمه الله تعالى فقال من أين أحرم بالحج قال من الميقات الذي وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحرم منه فقال الرجل فإن أحرمت من أبعد من ذلك فقال الإمام مالك لا أرى ذلك فقال الرجل وما تكره من ذلك قال أكره عليك الفتنة قال الرجل وأي فتنة في ازدياد الخير، فقال مالك “إن الله تعالى يقول كما جاء في سورة النور ” فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم” وأي فتنة أعظم من أنك خصصت نفسك بفضل لم يختص به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا فلنتقي الله جميعا ولنبادر بالتوبة، وليقدم كل منا ما بوسعه أمام هذا الخطر العظيم الذي يهدد بيوتنا وأسرنا، نسأل الله السلامة والعافية .