الدكـــروري يكتب: ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا

الحمد لله وفق من شاء لعبادته، أحمده سبحانه وأشكره على تيسير طاعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وعد المؤمنين بلوغ جنّته، وحذّر العصاة أليم عقوبته، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، كان إماما في دعوته، وقدوة في منهجه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، صلاة دائمة حتى نبلغ دار كرامته، أما بعد فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالي، أما بعد إنه ينبغي علينا تقدير عواطف الآخرين وعدم جرح مشاعرهم، وروى ابن إسحاق عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ” إني قد عرفت أن رجالا من بني هاشم وغيرهم قد أُخرجوا كرها لا حاجة لهم بقتالنا فمن لقي أحدا من بني هاشم فلا يقتله، ومن لقي أبا البختري بن هشام فلا يقتله ومن لقي العباس بن عبدالمطلب فلا يقتله فإنه إنما أخرج مستكرها”
فقال أبو حذيفة بن عتبة أنقتل آبائنا وأبناءنا وإخواننا وعشيرتنا ونترك العباس والله لأن لقيته لألحمنه أو لألجمنه بالسيف، فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لعمر بن الخطاب يا أبا حفص أيضرب وجه عمّ رسول الله بالسيف، فقال عمر يا رسول الله دعني فلأضرب عنقة بالسيف فوالله لقد نافق، فكان أبو حذيفة يقول ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ ولا أزال منها خائفا، إلا أن تكفرها عني الشهادة، فقتل يوم اليمامة شهيدا، وكما أن الناس يحبون من يصحح أخطائهم دون جرح مشاعرهم، ويضرب مثل في ذلك في أحد الكتب أن شخصا ألقى خطابا أي محاضرة في عدد كبير، ولكنها كانت طويلة وفيها تفصيل، فملّ الناس ولما عاد المحاضر إلى منزله سأل زوجته، فقال ما رأيك في المحاضرة ؟ قالت هذا الموضوع يصلح مقالة رصيفة في مجلة علمية متخصصة.
وقد فهم المحاضر من كلام زوجته أن الموضوع لا يصلح للمحاضرة، فإياك وقول أنت لا تصلح لكذا أو أنت تصلح لغير ذلك، ويروى أن رجلا تعلق بشخص يقال له أسلم، فاشتد كلفه به وتمكن حبه من قلبه حتى أُوقق ولزم الفراش بسببه وتمنع أسلم عليه وإشتد نفره منه، فلم يزل الوسائط يمشون بينهما حتى وعده بأن يعوده فأخبره بذلك الناس ففرح وإشتد فرحه وإنجلى غمه، فجعل ينتظر الميعاد الذي ضرب له فيما هو كذلك إذ جاءه الساعي بينهما فقال إنه وصل معي إلى بعض الطريق ورجع ورغبت إليه وكلمته فقال إنه ذكرني وفرح بي ولا أدخل مدخل الريبة ولا أعرض نفسي لمواقع التهم فعاودته فأبى وإنصرف فلما سمع البائس أُسقط في يده وعاد إلى أشد مما كان به، وبدت عليه علائم الموت فجعل يقول في تلك الحال ويردد قائلا أسلم يا راحة العليل ويا شفاء المدنف النحيل.
رضاك أشهى إلى فؤادي من رضا الخالق الجليل، فمن المواقف في ذلك هو تبادل كلمات المدح والثناء وأوصاف الكمال التي لا تكون إلا لله تعالي وأشعار وأغاني الحب والغرام وربما أرسلت في صورة هدية شريط أو رسالة خطية أو عن طريق رسائل الهاتف النقال، كلمات تثير الغرائز وتتلذذ بها النفوس، تكاد تصم الأذان وتقشعر منها الأبدان، تتضمن الجنون والفجور والكفر والفسوق، يستحي الرجل أن يستخدمها مع زوجته وإنما تعرف عند غزل الفاسدين للفاسدات فأصبح الغزل بين الذكور لا الرجال يقول أحدهم أحلى الكلام همسك، وأحلى ما في حياتي أني أحبك، فأين حلاوة الإيمان ولذة القرآن، أليس كلام الرحمن ألذ وأجمل كلام ؟ فأين العقول، فنعوذ بالله من الحرمان والخذلان.
ويقول آخر ليس لك في قلبي شريك يا أيها الحبيب، فأين محبة الله أليس لها في القلب وجود ؟ والله يقول ” ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين ءآمنوا أشد حبا لله ” ألم يمر علينا في مناهج التوحيد وكذلك في دورة كتاب التوحيد أن من أنواع الشرك شرك المحبة؟