التربية بالرحمة.. بقلم/ الزهرة العناق

نهج الأستاذ الراقي في بناء الأجيال
” كاد المعلم أن يكون رسولا “
التعليم رسالة شريفة، بين المعلم و ضميره و الرقيب.
في صرح التعليم، حيث تزرع بذور العلم وتنمو شتلات القيم، يبرز دور الأستاذ كقائد ومعلم و حاضن لطموحات التلاميذ وأحلامهم. لكنه في ذات الوقت يطالب بوعي عميق تجاه تأثير كلماته و سلوكياته، إذ أن كلمة غير موزونة أو فعل أو تصرف غير مسؤول قد يحدث في نفوس الصغار ندوبا لا ترى، لكنها تبقى خالدة في الذاكرة، تعكر صفاء الروح و تعيق نموها.
الضرب، الشتم، والقذف ما هي إلا أسلحة تهدم ولا تبني، تطفئ شعلة الإبداع بدلا من تأجيجها. إن التربية الحقيقة ليست ساحة للصراخ أو العقاب الجسدي، بل هي حوار قائم على الاحترام، لغة تنبض بالرحمة، وأسلوب يتسم بالاحتواء.
الطفل كالنبتة الرقيقة، إن قسوت على تربته ذبلت، وإن رويتها بلطف أينعت وأزهرت.
لا يمكن للأستاذ الحكيم أن يتجاهل أنّ الأخطاء جزء من طبيعة الإنسان، وجزء لا يتجزأ من رحلة التعلم. الطفل الذي يخطئ لا يحتاج إلى عقاب يجعل منها المتمرد، بل إلى توجيه ينير دربه ويعيده إلى المسار الصحيح. فتصويب الخطأ بعبارات حكيمة، واحتواء الموقف بابتسامة تفهم ولا تدين، هما مفتاح قلب التلميذ وبوابة بناء الثقة معه.
قد يغفل البعض عن أثر لحظة غضب في حياة تلميذ صغير. كلمة قاسية قد تجرحه، ونظرة ازدراء قد تطفئ شغفه. مثل هذه المواقف التي تبدو عابرة قد تتحول إلى ذكريات ثقيلة، تلقي بظلالها على شخصيته ومستقبله.من هنا، يصبح لزاما على الأستاذ أن يعي أنّ كلماته أمانة، وأن أفعاله انعكاس للقيم التي يريد غرسها.
ما أجمل أن يكون الأستاذ كالنبراس الذي يضيء دروب طلابه، كالشجرة التي تظلهم بحنانها، وكالموجة التي تدفعهم برفق نحو شاطئ الأمان.
في عالم متغير و عم فيه الضجيج، يحتاج التلميذ إلى قدوة حقيقية، لا تعاقب بل تعلم، لا تهدم بل تبني، ولا تنفر بل تحبب. بهذا النهج وحده، يمكننا أن نصنع أجيالا أقوى، أذكى، و أعظم على حمل أمانة المستقبل.