الدكـــروري يكتب: مراقبة الرب العلى الأعلى

 

الحمد لله الذي خلق البشر وأمر بطاعته كما أخبر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يعلم العلن والمخبر، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله ربه إلى الأسود والأحمر، صلى الله وسلم عليه ما بزغ نجم وظهر وعلى آله وأصحابه الميامين الغرر، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المستقر أما بعد لقد جاءت الغامدية إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله طهرنى لقد زنيت فقال المصطفى صلي الله عليه وسلم “ويحك ارجعى وإستغفرى الله وتوبى إليه” فقالت يا رسول الله أتريد أن تردنى كما رددت ماعز بن مالك، فهذه لم تأتي بها شرطة الآداب، ولا شرطة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، بل جاء بها إيمانها، وخوفها من ربها جل جلاله فهؤلاء لم يتربوا على مراقبة القانون الوضعى الأعمى، بل على مراقبة الرب العلى الأعلى، طهرنى يا رسول الله.

فقال المصطفى صلي الله عليه وسلم “ويحك ارجعى واستغفرى الله وتوبى إليه” فقالت يا رسول الله أتريد أن تردنى كما رددت ماعز بن مالك فقال المصطفى صلي الله عليه وسلم لها “أنت” قالت نعم، فقال صلي الله عليه وسلم “أذهبى حتى تلدى” وهذا الولد ما ذنبه؟ وهذا رد بليغ على العلمانيين المجرمين الذين يختزلون الدين فى أمر الحدود، ويزعمون أن دين الأسلام دين متعطش لتقطيع الأيدى ولرجم الخلق والعباد، ولسفك الدماء، ويقول لها النبى صلي الله عليه وسلم وهى التى جاءت تعترف بالزنا “ويحك ارجعى واستغفرى الله وتوبى إليه” وقال كل أهل العلم والله لو رجع ماعز واستغفر الله وتاب إليه لتاب الله عليه، فقال صلي الله عليه وسلم “اذهبى حتى تلدى” فهذا الولد ما ذنبه فذهبت حتى وضعت ولدها من الزنا، فهل قالت اهربى زورى جوازا واخرجى لأى بلدة لا، وألف لا.

ولكنها جاءت به تحمله على صدرها فى خرقة وهو طفل فى المهد للنبى صلي الله عليه وسلم لتقول يا رسول الله هذا ولدى قد وضعته فطهرنى يا رسول الله، فماذا قال لها فى الثانية قال صلي الله عليه وسلم لا “ارجعى حتى ترضعيه حتى تفطميه” أي أرضعيه سنتين كاملتين حتى تفطميه، فعادت المرأة فأرضعت طفلها عامين كاملين لم تهرب وما نسيت بل جاءت بعد عامين وفى يد ولدها كسرة خبز، لتبين للنبى صلي الله عليه وسلم عمليا أن الولد قد فطم عن الرضاع، فإنها مصرة على أن تطهر فى الدنيا قبل الأخرة فأمر النبى صلي الله عليه وسلم رجلا من المسلمين أن يأخذ الولد ليقوم على تربيته، وكان من بين هؤلاء الذين رموها بالحجارة خالد بن الوليد رضي الله عنه فلما رماها خالد بن الوليد علا بحجر تنفح دمها على وجهه خالد فسبها خالد بن الوليد فسمعه النبى صلي الله عليه وسلم.

فقال” مهلا يا خالد مهلا يا خالد فوالذى نفسى بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له” وفى رواية لما ماتت أمر النبى صلي الله عليه وسلم الصحابة بها ثم قام المصطفى، ليصلى عليها بنفسه، ثم دفنت، وهذا هو الراجح بدليل رواية مسلم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال له يا رسول الله أتصلى عليها وقد زنت؟ فقال له النبى صلي الله عليه وسلم ” والذى نفسى بيده لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله جل وعلا” فتب إلى الله يا من زنيت، وتوبى إلى الله يا من زنيت، وتب إلى الله يا من وقعت فى هذه الكبيرة البشعة الشنيعة، فاللهم استر نساءنا وبناتنا وأصلح شبابنا، واحفظ فروجنا يا أرحم الراحمين حتى ولو لم يقم عليك الحد عجل بالتوبة، وتب إلى الله تبارك وتعالى،

فإذا وقفت بين يدى الله سبحانه فى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وإن قبل الله منك التوبة تولى الله سبحانه وتعالى تخليص الحق الذى عليك لمن إرتكبت فى حقه كبيرة الزنا، وإن تبت إلى الله وكنت صادقا فى توبتك وقبل الله منك التوبة ستدخل الجنة برحمته أنت وأخوك صاحب الحق، المهم أن تصدق فى التوبة هذا زانى وهذه زانية وهذا رجل قتل نفسه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى