أشهر علامات الوفاق.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، الحمد لله ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، الحمد لله الذي جعلنا من عباده المسلمين، الحمد لله الذي جعلنا من عباده المصلين، نسأل الله أن يثبتنا على ذلك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وعلى آله وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد إنها لباب الإسلام وزينة الأنام، وإنها ذروة سنام الأخلاق وأشهر علامات الوفاق، فكم فتحت به قلوب وكم رفعت أصحابها عند علام الغيوب، ألا ما أحب صاحبها عند الناس، بل وأعظم منه عند رب الناس، بل أقولها ولا آلو، وإن جفى الناس أو غالوا، إنها وربي أفضل الإيمان وأزكاه، وأقربه وأصفاه وأميزه وأعلاه، وأوضحه وأجلاه فصاحبها بالجنان كريم مثواه وعن النار حرام محياه، فإنها السماحة بأجمل حلتها.

وإنها السماحة بأبهى صورتها، وهي ملتكم ونهجكم وشريعتكم، وبها بعث إليكم نبيكم وحبيبكم ورسولكم المصطفي محمد يارب صلي وسلم عليه وسلم تسليما كثيرا، الذي قال صلى الله عليه وسلم ” بعثت إليكم بالحنيفية السمحة” فإن السماحة في الإسلام أكبر من مفهوم الإنسانية الذي رفعته مؤسسات وجمعيات جاهلية معاصرة، وخدعت به شعوبا وقبائل، وإن السماحة في الإسلام ليست شعارا براقا يرفع في وقت دون وقت، بل هي خلق سام يتسع ويتسع حتى يتجاوز الإنسان، إلى الحيوان والنبات، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله كتب الإحسان على كل شئ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته ” رواه مسلم، والسماحة هي طيب في النفس عن كرم وسخاء، وهي إنشراح في الصدر عن تقى ونقاء، وهي لين في الجانب عن سهولة ويسر، وهي بشاشة في الوجه عن طلاقة وبشر.

وهي ذلة على المؤمنين دون ضعف ومهانة، وهي صدق في التعامل دون غبن وخيانة، وهي تيسير في الدعوة إلى الله تعالي دون مجاملة ومداهنة، وهي إنقياد لدين الله دون تشدد ورهبنة، بها تصفو القلوب، ويسود الوئام، ويسعد الأنام، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “خير الناس ذو القلب المحموم واللسان الصادق، قيل ما القلب المحموم؟ قال هو التقي النقي الذي لا إثم ولا بغي ولا حسد، قيل فمن على أثره؟ قال الذي يشنأ الدنيا ويحب الآخرة، قيل فمن على أثره قال المؤمن في خلق حسن” وإن هذه الغلطه التي نراها في تعامل بعضنا ليست من ديننا في شئ، وإن هذا الجفاء الذي نجده بين المسلمين هو أمر طارئ ومظهر يجب أن يختفي، وإن المؤمن الحقيقي سمح مألوف، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “المؤمن يألف ويُؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس” 

بل إن السماحة هي من أفضل الإيمان، حيث قال صلى الله عليه وسلم “أفضل الإيمان الصبر والسماحة” ولقد كثرت أبواب السماحة ومسالكها في ديننا حثا لنا على ثمثلها، ومنها أولا هو في البيع والشراء والقضاء، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الله تعالى يحب سمح البيع، سمح الشراء سمح القضاء” رواه الترمذي، وثانيا السماحة في الدين والإقتضاء، حيث قال صلى الله عليه وسلم ” رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا إشترى وإذا اقتضى” رواه البخاري، وكم نحن بحاجة إلى السماحة في طلب الدين وإنظار المعسرين، والتجاوز عن المعوزين، حتى تدركنا رحمة الله تعالي برحمة خلقه، وثالثا هو السماحة في قضاء حوائج الناس، فإنه لابد أن نلين لإخواننا، ونسعى لقضاء حوائجهم في تواضع وسماحة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه فيما رواه البخاري تعليقا قال “إن كانت الأمة أي الجارية، من إماء المدينة لتأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت فيمضي معها حتى يقضي حاجتها”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى