قدوم ثلاثة من الملائكة الكرام إلي النبي .. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله ذي العظمة والكبرياء ذلت لعظمته أنوف العظماء ودانت لجبروته الملوك والرؤساء وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له من نازعه الكبر صيره من الأذلاء ومن تواضع لأجله أنزله منازل السعداء، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله سيد المتواضعين يكره ويبغض الجبابرة المتكبرين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا أما بعد ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير والكثير عن رحلة الإسراء والمعراج، وتبدأ أحداث رحلة الاسراء كما يرويها صاحبها صلى الله عليه وسلم، بقدوم ثلاثة من الملائكة الكرام، بينهم جبريل وميكائيل، فجعلوا جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم لظهره مستقبلا الأرض وهو نائم ثم شقوا بطنه، فغسلوا ما كان به من غل بماء زمزم.
ثم ملؤوا قلبه إيمان وحكمه، ثم عرض عليه لبن وخمر، فاختار رسول الله صلى الله عليه وسلم اللبن فشربه، فبشره جبريل عليه السلام بالفطره، ثم أركبه جبريل عليه السلام البراق وانطلق به إلى المسجد الأقصى فأنزله طيبه، فصلى بها، وأخبره ما يكون من هجرته إليها، ثم أنزله طور سيناء، حيث كلم الله تعالى نبيه موسى عليه السلام، فصلى به، ثم أنزله بيت لحم مولد نبى الله عيسى عليه السلام، فصلى فيها، ثم دنا إلى بيت المقدس فأنزله باب المسجد وربط البراق بالحلقه التى كان يربط بها الأنبياء من قبل، ثم دخل المسجد ليلتقي أنبياء الله المبعوثين قبله، فسلموا عليه صلى الله عليه وسلم وصلى بهم ركعتين، ونعرف جيدا أن الصلاة عماد الدين، وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، وأن لها مكانتها وأهميتها البالغة في ديننا، ففيها اتصال وتواصل بين العبد وخالقه.
ومما زادها تشريفا وتعظيما أنها الركن الوحيد من أركان الإسلام والعبادة والفريضة الوحيدة التي فرضت ليلة الإسراء والمعراج، فقد جاءتنا فريضة الصلاة من الله في السماوات العلا مباشرة، فتميزت عن غيرها من العبادات الأخرى، وعندما عاد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من رحلته شرع بإخبار الناس عنها وعما شاهد فيها، فكانت هذه الرحلة فتنة لكل الأطراف، ماعدا المؤمنين الصادقين الثابتين في إيمانهم، حيث زادت الرحلة من إيمانهم، ومن تثبيتهم على الحق، وكان من بين المصدقين لرسول الله صلى الله عليه وسلم صديق عمره أبوبكر الصديق رضي الله عنه، حيث قال “إني أصدقه في خبر السماء” ولكن كانت الرحلة فتنة لضعيفي الإيمان الذين ارتدوا عن الإسلام، وكذبوا النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما قاله عن رحلته، أما الكفار فزادت هذه المعجزة الجديدة من حقدهم وحسدهم.
فقلبوا الأوضاع دون حياء، فاستخدموا الآية العظيمة في تنفير الناس وإبعادهم عن دين الله، وكان على رأس هؤلاء أبوجهل الذي حرص على جمع الناس ليسمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكذبوه بشدة ويسخروا منه، فقد كان لهذه الليلة أثر عظيم في تثبيت فؤاد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وترطيب قلبه وجبر خاطره صلى الله عليه وسلم، بعد أن لاقى ما لاقى من قريش من إيذاء وإضطهاد.