عم صالح والقيم التي لا تنهزم .. قصة قصيرة بقلم/ محمود سعيد برغش

في قرية صغيرة بجنوب الصعيد، عاش عم صالح، رجل تجاوز الستين، عُرف بحكمته ونزاهته، وكلمته التي كانت تُسمع بين الكبير والصغير. كان يجلس دائمًا تحت شجرة الجميز الكبيرة في منتصف القرية، يفصل بين الناس، ويحكم بينهم بالعدل دون انحياز. لم يكن عم صالح مجرد رجل حكيم، بل كان رمزًا للثقة والاحترام.
على الجانب الآخر، كان هناك ابن عمه، فرج، الذي ملأ قلبه الغيرة والحقد. كان يحلم أن يكون في مكانة عم صالح، لكنه لم يمتلك لا حكمته ولا أخلاقه. قرر فرج أن يسلك طريق المكائد، محاولًا تشويه صورة عم صالح بأي طريقة.
بدأت المؤامرات بسيطة، بنشر الشائعات والافتراءات، لكن أهل القرية لم يصدقوا حرفًا منها. كانوا يعرفون عم صالح جيدًا، ويثقون به ثقة لا تهتز. حتى ضابط المباحث، الذي كان يتابع كل ما يحدث في القرية، كان يقدر عقل عم صالح، ويستشيره أحيانًا في قضايا معقدة.
ازدادت كراهية فرج وقرر أن يُلحق بعم صالح ضررًا لا يمكن إصلاحه. فكر كثيرًا حتى توصل إلى خطة شيطانية. في ليلة مظلمة، تسلل فرج إلى بيت عم صالح، ودسّ كيسًا مليئًا بالمخدرات في مخزن صغير خلف المنزل. في الصباح، ذهب مسرعًا إلى قسم الشرطة، وادعى أن عم صالح يتاجر في المخدرات.
وصل رجال الشرطة إلى بيت عم صالح، وفتشوا المكان ليعثروا على الكيس المخبأ. كانت صدمة للجميع، حتى ضابط المباحث الذي يعرف نزاهة عم صالح. تم القبض عليه وسط دهشة وغضب أهل القرية.
لكن الحقيقة دائمًا تجد طريقها. كان لعم صالح أصدقاء أوفياء، قرروا البحث عن الحقيقة. اكتشف أحدهم أن فرج كان يتردد على بيت عم صالح في الليلة السابقة، مما أثار الشكوك حوله. بمزيد من التحقيق، تم العثور على أدلة تثبت أن فرج هو من وضع المخدرات.
في النهاية، تم الإفراج عن عم صالح وسط احتفال كبير من أهل القرية الذين وقفوا معه في محنته. أما فرج، فكان مصيره السجن، وعاش عم صالح كعادته رمزًا للعدل والقيم، ليثبت أن الحق دائمًا ينتصر مهما حاول الأعداء طمسه.
الدروس المستفادة:
الحق لا يضيع مهما اشتدت المؤامرات.
الحسد طريق للهلاك.
الثقة والمحبة تُبنى بالأفعال النبيلة.