غزة ملحمة الخلود و معيار الإنسانية

بقلم: الزهرة العناق
في زحمة الزمن، كانت غزة حكاية لا تشبه غيرها، امتحانا قاسيا حمل في طياته سؤالا جوهريا مدويا:
أين أنت من إنسانيتك؟
كانت تلك البقعة الصغيرة التي تنبض بالدماء، تقف بشموخ لتعلم العالم أن الكرامة لا تشترى بثمن، وأن الحرية لا توهب بل تنتزع .
معركة غزة لم تكن مجرد نزاع عابر؛ بل كانت نبض أمة يتردد بين أروقة التاريخ. تلك المعركة التي تنفست بدماء الشهداء، و حُفرت حروفها في صدور الأجيال بلغات لا تعرف الانطفاء. كانت غزة مسرحا للصبر والإيمان، ميدانا يختبر فيه معدن الرجال، ومدرسة تعلمنا فيها أن الأخلاق في الحرب هي الفصل بين الحق و الباطل.
غزة لم تغسل وجهها بالدموع، بل بدماء الأبطال، أولئك الذين وقفوا كأشجار الزيتون؛ شامخين رغم الحصار، صامدين رغم النار. لم تكن وحدها في معركتها، فهناك من خذلها، وهناك من اكتفى بالصمت المخزي. ولكن كان هناك أيضا من ناصرها بقلوبهم وأرواحهم، من أيقنوا أن نصرة المظلوم عبادة وأن الوقوف مع الحق شرف لا يضاهى.
غزة علمتنا أن الإيمان يتجلى في أحلك الظروف، وأن الوفاء ليس كلمات تقال بل أفعال تنقش في صفحات التاريخ. علمتنا أن الصبر هو زاد المجاهدين، وأن العزة لا تنال إلا بالبذل والعطاء. في وجه الخذلان، كانت غزة درسا في الكرامة، وفي ظل القصف كانت رسالة أن الحق لا يهزم .
غزة واليمن وحدة المصير
وها هي اليمن، التي آمنت بأن فلسطين هي القضية الأولى، تثبت للعالم أن التضامن ليس شعارا بل حقيقة و ممارسة على أرض الواقع. شعب عانى ما عانته غزة، لكنه ظل واقفا بجانبها، يرسل رسائل الوفاء بدمائه وصموده. يد تمدها اليمن، وأخرى تصافحها المقاومة الفلسطينية، في مشهد يبرهن أن النصر لا يصنع إلا بالتكاتف.
لقد بدأ النصر يزهر في سوريا، وها نحن نحتفي بنصرة غزة، وغدا تشرق شمس اليمن السعيد بإذن الله. هذا النصر ليس نهاية المطاف، بل بداية عهد جديد، يعيد للأمة العربية هيبتها، ويعيد للإنسانية معناها.
الحمد لله الذي أكرمنا بهذا النصر، وأيقظ فينا روح التضامن. الحمد لله الذي جعل من غزة منارة للصمود، ومن شهدائها نجوما تضيء دروب الكرامة.
غزة ليست مجرد مكان، بل فكرة، أمة، مدرسة. فهل تعلمنا درسها؟ وهل استوعبنا رسالتها؟ الأيام القادمة وحدها تحمل الإجابة.