طبيعة التأثير السلبي للخمر على العقل .. الكاتب / محمـــد الدكـــرورى

 

إن الحمد لله على إحسانه والشكر له سبحانه وتعالى على إمتنانه، ونشهد بأنه لا إله إلا الله تعظيما لشأنه، وأن محمدا عبده ورسوله داع لرضوانه، وصلي اللهم عليه وعلى آله وخلانه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد، يا أيها المؤمنون لقد أنعم الله علينا، بنعم كثيرة وفيرة لا تحصى لا تحد ولا تعد فخيراته علينا مستمرة لا تنتهي ولا تنقطع ولن تنقطع، ولن تنحسر، بل هي باقية بقدر الله، ما دامت السماوات والأرض، فإن نعم الله تعالي وعطاياه وألوان مننه ورحمته متواترة متدفقة متنوعة متعددة في أنواعها وأشكالها وصورها وأنماطها الكثيرة، التي تدهش العقول وتبهر الألباب ومن ذلك هو العقل البشري من أعظم مظاهر الإعجاز الإلهي، وأحد أجل النعم على الإنسان، والعقل البشري هو أحد أعظم معجزات الله تعالي في خلق الإنسان.

فبه يمتاز الإنسان عن سائر المخلوقات، بقدرات لا مثيل لها في التفكير والإبداع والتحليل واتخاذ القرار، ومن أوجه الإعجاز الإلهي في خلق العقل، هو قول الحق تبارك وتعالى ” وفي أنفسكم أفلا تبصرون ” وفي أنفسكم آيات كثيرة مثل السمع والبصر واللسان، والقلب، العقل وغيرهم الكثير، وكلها عبرة لكم، ودليل لكم، وآيات لكم تدلكم على وحدانية صانعكم جل وعلا، والعقل لا يقتصر على فهم الواقع، بل يبدع في خلق أفكار جديدة، وهو ما جعل الإنسان قادرا على التطور عبر العصور، حيث يمتلك الدماغ قدرة فائقة على تخزين مليارات المعلومات في الذاكرة القصيرة والطويلة المدى، واسترجاعها عند الحاجة، وكما أن العقل ينظم عمل كل أعضاء الجسم من خلال الجهاز العصبي، مثل تنظيم ضربات القلب، والتنفس والهضم، ما يحفظ توازن الجسم بشكل مثالي.

وكما أن العقل والعاطفة يعملان بتناغم مذهل يتيح اتخاذ قرارات عقلانية مع مراعاة المشاعر الإنسانية، وهذا التكامل يعكس دقة التصميم الإلهي الذي يجمع بين المنطق والحدس، وكما أن العقل وسيلة الإنسان للتمييز بين الصواب والخطأ، ومما يعكس مسؤولية الإنسان كخليفة في الأرض، والعقل أداة أساسية للتفكر والتدبر، حيث الله يقول تعالى ” ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ” مما يحث على إستخدامه لفهم مظاهر الإعجاز في الكون، وعلى الرغم من التقدم الهائل في علوم الأعصاب، يبقى العقل لغزا محيرا للعلماء، فلم يتمكنوا بعد من تفسير آلية ترجمة الأفكار والمشاعر إلى إشارات عصبية، والخمر في اللغة هو كل شراب خامر العقل فستره وغطى عليه، وقيل كل مسكر خامر العقل وغطاه.

ويقال خمرت الإناء إذا غطيته، ليمنع ما فيه من الظهور، وسمي خمار المرأة بذلك لأنه يستخدم لتغطية الرأس إذ يرتبط المعنى بالستر والتغطية، وهكذا فالخمر له دلالات لغوية متعددة، مرتبطة بفكرة التغطية والستر، سواء كانت في الإناء أو العقل أو في سلوك الشخص، مما يبرز طبيعة التأثير السلبي للخمر على العقل والسلوك، وأما عن المسكرات فهي المواد التي تسكر العقل، أي تغطيه وتفقده الوعي، أو تغيّر حالة الإدراك، في اللغة، تعرّف بأنها كل شراب أو مادة تفقد الإنسان القدرة على التفكير السليم، أو يغيّر الإدراك، وتؤدي إلى السكر والغباء، وتشير إلى كل شراب يسبب السكر، وتشمل جميع أنواع المشروبات الكحولية، والمواد المخدرة التي تؤدي إلى تأثيرات سلبية على الفكر والإدراك والسلوك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى