مشروع الضبعة النووي.. مستقبل الطاقة والتنمية المستدامة

رانيا البدرى
يُعد مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية في مصر يعد خطوة استراتيجية نحو تحقيق استدامة الطاقة وزيادة إنتاجيتها وذلك من خلال قدرته على توليد 4800 ميجاوات، وسيساهم المشروع في تقليل الاعتماد على الغاز الطبيعي وتعزيز الصادرات المصرية مما يؤثر بشكل كبير في رفع كفاءة الاقتصاد المصري وزيادة إنتاجه.
ومن المنتظر أن يلعب المشروع دورًا محوريًا في تطوير الصناعات المحلية ونقل التكنولوجيا، إضافة إلى توفير فرص عمل وتنمية مجتمعية في منطقة الضبعة. علاوة على ذلك فإن مشروع محطة الضبعة النووية سيعزز مكانة مصر كمركز محوري للطاقة في المنطقة، ويساهم في دعم الابتكار العلمي والتكنولوجي مما يفتح آفاقًا واسعة للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.
ونكشف الأهمية الاستيراتيجية لمشروع الضبعة النووي، من خلال حوار مع الدكتور كريم الأدهم المتحدث الرسمي والرئيس الأسبق لهيئة الأمان النووي.
كيف سيساهم مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية في تقليل فاتورة الطاقة؟
هذا سؤال متشعب لأن الإجابة تتطلب التعرض لتأثيرات مباشرة وغير مباشرة منها:
– دعم مستهدفات استدامة الطاقة: حيث تبلغ القدرة المستهدفة لمحطة الضبعة النووية في مصر 4800 ميجا وات، وفى هذا الشأن تتفوق الطاقة النووية على نظيراتها من مصادر الطاقة المتجددة الأخرى من حيث الاستدامة طوال العام وعدم تأثرها بالتقلبات المناخية.
– رفع الاستفادة من الغاز الطبيعي كمصدر للنقد الأجنبي: من خلال توفير الغاز الطبيعي المستهلك في توليد الكهرباء والاعتماد بشكل أكبر على مصادر الطاقة المتجددة ومن بينها الطاقة النووية، مما يمنح مصر قدرة على زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي وتعزيز إيراداتها من النقد الأجنبي. كما يمكن تحقيق قيمة مضافة في إستخدام الوقود الأحفوري «البترول والغاز الطبيعي» الذي سيتوفر نتيجة استخدام الطاقة النووية في صناعة البتروكيماويات، مما يحقق عائدا إقتصاديا مرتفعا.
– استهداف تحول مصر لمركز محوري للطاقة: حيث صنفت مصر في مقدمة دول المنطقة العربية في مجال توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية بقدرات إجمالية تصل إلى 3.5 جيجاوات سنوياً وفقاً لمرصد الطاقة العالمي الصادر في يونيو 2022، ولضمان الحفاظ على هذا المركز ستلعب الطاقة النووية دورها كداعم لمزيج الطاقة المتجددة المحلية بما تتميز بها من قدرات توليد أعلى.
– تعزيز الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة ودخول النادي النووي: حيث يمكن القول بأن الوقود النووي المستخدم لتشغيل محاطات الطاقة النووية مقارنة بمصادر الطاقة الهيدروكربونية لا يخضع لعمليات التقلبات في أسعار السوق العالمية، وبالتالي يضمن الاستثمار في المشروعات الصناعية التي تتطلب إمدادات كهرباء مستقرة وبأسعار يمكن التنبؤ بها وجذابة لعقود قادمة، حيث أن محطات الطاقة النووية هي مصدر الحمل الأساسي الذي يوفر الكهرباء للصناعة والسكان بغض النظر عن الطقس والظروف المناخية.
– دعم المشروع الوطني لإنتاج الهيدروجين الأخضر: نظراً لما تتسم به الطاقة النووية من قدرة مضاعفة على توليد الطاقة فإنها تعتبر مصدرا للكهرباء والحرارة لإنتاج الهيدروجين بكفاءة.
ما هي أهم التقنيات النووية المستوردة لمشروع الضبعة وكيف سيتم تدريب الكوادر المصرية؟
من المعروف أن محطة الضبعة النووية هي من الجيل الثالث المطور، وهو الجيل الذي تتمتع فيه المفاعلات بأعلى مستوى من الأمان الذاتي، ومن ثم ستكون مكونات وأجهزة المحطة ونظمها على أعلى مستوى من التكنولوجيا سواء في تصنيع المعدات واختبارها واختيار المواد المصنعة منها ونظم توكيد الجودة وتركيب المعدات وإجراء الاختبارات، ثم التشغيل الآمن للمحطة والتعامل مع الوقود المستنفد والنفايات المشعة.وبالنسبة للكوادر المصرية فسيتم تدريبهم على الأنشطة المتعلقة باختبار المعدات والمكونات في روسيا قبل شحنها إلى مصر والتأكد من مطابقتها للمواصفات، وسيشمل التدريب أيضا أعمال تركيب المعدات واختبارها، وأيضا التدريب على تشغيل المحطة بكافة مكوناتها.
ما هي الفرص المتاحة لنقل التكنولوجيا إلى الصناعات المحلية من خلال مشروع الضبعة؟
يعد تطوير الصناعة المصرية من أهم أولويات المشروع النووي المصري من خلال برنامج طويل المدى لإنشاء المحطات النووية تتصاعد فيه نسب التصنيع المحلي في كل وحدة جديدة طبقاً لخطة واضحة وملتزم بها، مما سيحدث نقلة ضخمة في جودة الصناعة المصرية وإمكاناتها ويزيد من قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية بسبب المعايير الصارمة للجودة التي تتطلبها صناعة المكونات النووية والتي ستنتقل بالضرورة إلى صناعة المكونات غير النووية التي تنتجها نفس المصانع. وتتصاعد نسب المشاركة المحلية للمشروع بدءا من الوحدة الأولى بنسبة 20% وصولا للوحدة الرابعة بنسبة 35 % مما سينعكس على الاقتصاد المصري وتطوير الصناعة.