أمر الأمانة عظيم وخطرها كبير .. الكاتب/ محمـــد الدكـــروري

الحمد لله المحمود على كل حال، ونعوذ بالله من حال أهل الضلال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله جبله ربه على جميل الفعال وكريم الخصال، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه خير صحب وآل والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل، ثم أما بعد لقد ضعفت الأمانة وقل التعامل بين الناس بها، حتى لا تكاد ترى رجلا أمينا تأمنه على مالك أو سرك أو غير ذلك، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أتى على الناس زمان كان الرجل يدخل السوق ويقول من ترون لي أن أعامل من الناس؟ فيقال له عامل من شئت ثم أتى زمان آخر كانوا يقولون عامل من شئت إلا فلانا وفلانا، ثم أتى زمان آخر فكان يقال لا تعامل أحدا إلا فلانا وفلانا، وأخشى أن يأتي زمان يذهب هذا أيضا.
وكأنه قد كان الذي كان يحذر أن يكون، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فإن أمر الأمانة عظيم، وخطرها كبير، فلقد إستهان كثير من الناس اليوم بأمر الأمانة حتى أضحوا لا يلقون لها بالا ولا يقيمون لها وزنا وذلك ناتج عن سوء فهم لمعنى الأمانة وما يترتب على تضييعها والتفريط فيها من العذاب والعقاب، وإن من أسباب التفريط في الأمانة هو عدم تذكر ما سيحدث لمن فرط في الأمانة من العذاب والنكال في قبره من سؤال الملائكة له عما فرط فيه من الأمانة، وكما أن من أسباب التفريط في الأمانة هو ضعف الوازع الديني لدي كثير من الناس، فلو كان هناك وازع من الدين يردع صاحبه ويزجره كلما هم بالتفريط فيما أوكل إليه من أمانة لعاشت الأمة في خير عظيم وأمن وارف، وكما أن من أسباب التفريط في الأمانة دافع الانتقام سواء من رئيس أو صاحب عمل.
ولا شك أن هذا الأمر لن يضر أولا وآخرا إلا من فرط في الأمانة لعظم قدرها وكبير خطرها، فمهما حصل من سوء تفاهم بين الرئيس والمرءوس، والعامل وصاحب العمل، والزوجة وزوجها، فليس معنى ذلك أن يفرط هذا أو ذاك فيما أنيط به من أمانة ومسؤولية، فليحذر المسلم من عاقبة ذلك فالعاقبة وخيمة والخاتمة سيئة والعياذ بالله، وإن خيانة الأمانة لا تقتصر على عدم المحافظة على الودائع، فمن أبرز أشكالها في الإسلام هو خيانة الله ورسوله صلي الله عليه وسلم حيث تعد خيانة الله ورسوله أقبح أنواع الخيانة في الإسلام، فقد حمل الله تعالى عباده المسلمين أمانة ثقيلة عن طريق الرسالة التي أوحى بها إلى رسوله الكريم، وهي مختلف العبادات والأعمال التي فرضها عليهم وجعلهم أمناء عليها، وتتجلى هذه الخيانة في العديد من المظاهر.
منها ترك الفرائض والعبادات، ومعصية الله ورسوله، وعدم الإلتزام بما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية، والتعدي على حدود الله تعالى التي فرضها، وعدم إتباع الحق وإظهار الإيمان، وغيرها، وكما تؤدي خيانة الله ورسوله إلى إنتشار الفساد والرذيلة وتضييع الحقوق، وهي أصل لجميع الخيانات، وكما أن من أنواع الخيانة هي خيانة الوديعة، وتحدث خيانة الوديعة عندما يأتمن أحد الأشخاص مالا أو شيئا معينا لدى شخص آخر ولا يحافظ الشخص المؤتمن على هذه الوديعة، فيقوم بإتلافها وتضييعها، وقد لا يلتزم بردّها إلى صاحبها الذي ائتمنه عليها، وتعد هذه الخيانة من أشنع الخيانات لما فيها من تضييع حقوق الناس وإثارة للفرقة والشحناء والبغضاء بين الناس، ويقول الله تعالى فيها ” إن الله يأمكم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها ” إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها “