الدكتورة أميرة عبد المنعم تكتب: أزمة الإبداع وتأثير الذكاء الاصطناعي على الشباب

أزمة الإبداع: كيف يؤثر الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي على القدرات الإبداعية لدى الشباب
في عصر التطور التكنولوجي السريع، ظهر الذكاء الاصطناعي (AI) كسلاح ذو حدين بالنسبة للإبداع. فمن ناحية، أتاحت الأدوات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، مثل مولدات الصور والمحررات النصية وبرامج تأليف الموسيقى، عملية الإبداع للجميع بشكل أكثر سهولة. ولكن من ناحية أخرى، أصبح الاعتماد المفرط على هذه الأدوات يثير مخاوف بشأن أزمة إبداعية محتملة بين الشباب.
غيّرت أدوات الذكاء الاصطناعي الصناعات الإبداعية، حيث تمنح المستخدمين القدرة على تصميم الرسومات، وكتابة القصص، وتأليف الموسيقى، وحتى إنتاج مقاطع الفيديو بجهد قليل.
بالنسبة للعديد من الشباب، لم تعد هذه الأدوات مجرد مساعدات، بل أصبحت الدافع الرئيسي للقيام بالمهام الإبداعية. وبينما يعتبر هذا التيسير بمثابة تمكين، إلا أنه أيضًا يغذي اعتمادًا مفرطًا قد يُضعف تطوير الأفكار الأصلية.
يقوم الذكاء الاصطناعي بإنشاء مخرجات بناءً على الأنماط والبيانات الموجودة مسبقًا، مما يحد من إمكانية توليد أفكار فريدة ومبتكرة. كما أن الإبداع يتطلب ممارسة وصبرًا ورغبة في التعلم من الأخطاء. لكن أدوات الذكاء الاصطناعي غالبًا ما تقدم نتائج جاهزة، مما يقلل من أهمية الممارسة والتعلم. بالاضافة أن المهام الإبداعية غالبًا ما تتطلب إيجاد حلول لمشكلات معقدة، مثل اختيار لوحة الألوان المناسبة، أو تأليف نغمات متناسقة، أو صياغة حبكة مثيرة. عند استخدام الذكاء الاصطناعي، قد يفقد الشباب هذه الخبرة الأساسية.قدرة الذكاء الاصطناعي على تقديم نتائج بسرعة تُعزز من ثقافة الإشباع الفوري، حيث تصبح الصبر والمثابرة أقل قيمة.
بالإضافة إلى الآثار النفسية للاعتماد على الذكاء الاصطناعي مثل انخفاض الثقة بالنفس
قد يبدأ الشباب في الشك في قدراتهم الإبداعية، معتقدين أن المخرجات التي ينشئها الذكاء الاصطناعي أفضل بشكل دائم. هذا يمكن أن يمنعهم
دور التعليم والمجتمع
الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي ليس مسؤولية الشباب فقط، بل يلعب كل من النظام التعليمي والمجتمع دورًا في تشكيل هذا الاعتماد. غالبًا ما تركز المدارس على الإنتاجية والنتائج بدلًا من عملية الإبداع. السؤال هنا، كيف يمكن تعزيز الإبداع في عصر الذكاء الاصطناعي؟
١- تعزيز الأنشطة التي تتطلب جهدًا يدويًا، مثل الرسم والكتابة والحرف اليدوية أو عزف الآلات الموسيقية بدون مساعدة رقمية.
٢- توعية الشباب باستخدام الذكاء الاصطناعي كمكمل لإبداعهم وليس كبديل. على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي تقديم الإلهام أو المساعدة في التفاصيل التقنية دون أن يهيمن على العملية الإبداعية.
٣- تحويل التركيز في التعليم والمجتمع من المخرجات النهائية إلى رحلة الإبداع نفسها مثل تشجيع الشباب على مواجهة التحديات وتجريب الأفكار الجديدة.
٤- تزويد الشباب بالقدرة على تقييم المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي بشكل نقدي، مما يساعدهم على تحسين النتائج بدلًا من قبولها كما هي.
٥- وضع حدود لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المهام الإبداعية لضمان تطوير الشباب لمهاراتهم الأساسية بشكل مستقل.
على الرغم من الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي في تعزيز الإبداع، إلا أن استخدامه المفرط قد يؤدي إلى فقدان الأصالة والمهارات بين الشباب. الإبداع لا يتعلق فقط بتحقيق النتائج، بل يتعلق برحلة الاستكشاف والتجربة والاكتشاف.