عندما وصل الجيش إلى حد الغرور .. الكاتب/ محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله الذي كان بعباده خبيرا بصيرا، وتبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، ثم أما بعد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة وكتب المغازي الكثير عن غزوة حنين، وإن غزوة حنين هي غزوة وقعت في اليوم العاشر من شوال في السنة الثامنة للهجرة بين المسلمين وقبيلتي هوازن وثقيف في وادي يسمى حنين بين مدينة مكة والطائف، وكان قائد المعركة وسببها رجل يسمى مالك بن عوف النصري من قبيلة هوازن وقد سيّر جيشه حتى وصل بالقرب من مكة، وعندما وصلت الأخبار للمسلمين وجه المسلمون جيشا كبيرا وكان يضم الكثير ممن أسلموا بعد فتح مكة وقد أعجبت كثرة الجيش وعدته وعتاده المسلمين ووصلوا بثقتهم بالجيش إلى حد الغرور. 

وقد قال بعض المسلمين لن نغلب اليوم من قلّة، وإن غزوة حنين هي من الأحداث التي جاءت بعد صلح الحديبية وغزوة خيبر، وغزوة مؤتة وفتح مكة وقد جرت هذه الغزوة في فترة إزدهار وإنتشار الإسلام في داخل الجزيرة العربية وخارجها، حيث كان صلح الحديبية هو السبب في هذا الإزدهار والإنتشار لهذا الدين، فقد تفرغ الرسول المصطفي صلي الله عليه وسلم خلال مدة هذا الصلح إلى الدعوة ومراسلة الملوك في داخل الجزيرة العربية وخارجها، وقعت غزوة حنين بالتحديد في شهر شوال من السنة الثامنة للهجرة، وقد بدأت القصة بعد فتح مكة المكرمة، وإستسلام العديد من القبائل في الجزيرة العربية، وتسليمها بالأمر الواقع، إلا بعض القبائل القوية مثل هوازن وثقيف ونصر وجشم. 

وقبائل سعد بن بكر، فما رضيت هذه القبائل بالإستسلام والخضوع، فتحالف من تحالف معها، وقررت إعلان الحرب على المسلمين، وكان قائدهم في هذه الحرب هو مالك بن عوف النصري، وهو شاب في الثلاثين من عمره، وكانت غزوة حنين في العاشر من شوال من العام الثامن للهجرة منصرف النبي صلي الله عليه وسلم من مكة بعد أن إمتن الله تعالي عليه بفتحها، وقد إنصرف رسول الله صلي الله عليه وسلم من مكة لست خلت من شوال، وكان وصوله إلى حنين في العاشر منه، ودارت هذه الغزوة في موضع يقال له حنين، وهو وادي إلى جنب ذي المجاز بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا من جهة عرفات، وقد قرر رسول الله صلي الله عليه وسلم الخروج للقتال في مكان متوسط بين هوازن ومكة، فقد آثر ألا ينتظر بمكة.

وفي ذلك حكمة كبيرة جدا لأنه لو بقي في مكة وغزاها مالك بن عوف بجيشه، فقد يتعاون أهل مكة معه، وفي تلك الأثناء، وكان أهل مكة حديثو عهد بشرك وجاهلية، وهذه كارثة لأن الحرب بذلك ستصبح من الداخل والخارج، ومن ثم فضل الرسول المصطفي صلي الله عليه وسلم أن يخرج بجيشه إلى مكان مكشوف بعيد عن مكة، كما قرر صلي الله عليه وسلم أن يخرج بكامل طاقته العسكرية، ويأخذ معه العشرة آلاف مقاتل الذين فتح بهم مكة من قبل لأن أعداد هوازن ضخمة وكبيرة، وقام أيضا بأخذ معه من داخل مكة المكرمة المسلمين الطلقاء الذين أسلموا عند الفتح، وفي ذلك بعد نظر كبير من الرسول صلي الله عليه وسلم، فهؤلاء إن تركوا في مكة، قد ينقلبون إلى الكفر مرة ثانية.

وقد ينفصلون بمكة عن الدولة الإسلامية، وخاصة إذا تعرض المسلمون لهزيمة من هوازن، ومن ناحية أخرى لم يكتفي الرسول صلي الله عليه وسلم بسلاح الجيش الإسلامي الذي فتح به مكة المكرمة، مع كون هذا السلاح من الأسلحة الجيدة والقوية جدا، بدليل إنبهار أبي سفيان به عند رؤيته للجيش الإسلامي ومع ذلك لم يكتفي به.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى