السلبية.. سم قاتل : الكاتبة/ الزهرة العناق

ان النفس البشرية حين تسيجها السلبية، تغلق على ذاتها أبواب النور، فلا ترى من الحياة إلا ما يفتك بها، ولا تسمع إلا صدى الظنون المتداعية، فتغدو كسفينة بلا شراع تتقاذفها أمواج الأهواء و الأحزان. و أخطر ما في السلبية أن حاملها لا يكتفي بلوم ذاته، بل يمد يده المتشبعة بالخيبة ليسقط أوراق غيره في وحل التشاؤم، تماما كالغريق الذي يغرق غيره ظنا منه أنه يستنجد به.
السلبية سم يهلك النفس قبل الغير. يخال بعض الناس أن التشكيك في النوايا، و النيل من نجاح الآخرين، و التقليل من عزائمهم، نوع من الحكمة و الفطنة، لكنه في الحقيقة ما هو إلا جهل يستدرج صاحبه نحو هاوية الندم. قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثم”
السلبية تبدأ بشك يترسخ في العقل، و ظن يطغى، حتى تغدو النفس أسيرة أفكار سوداوية، لا ترى النور.
إن النبي ﷺ حين قال: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت” كان يرسم لنا طريق النقاء الفكري الذي لا مكان فيه للكلمة المثبطة أو المسمومة، فالصمت خير من بث اليأس في النفوس، و الكلمة الطيبة صدقة تنير القلوب وتبعث فيها الأمل.
إنّ السلبي يعيش دائما على حافة السقوط، يتوقع الهزيمة حتى قبل أن يخوض المعركة، يخشى المجهول، و يرهب التغيير، فيبقى سجين الظل لا يعرف النور، وكأنه يعاقب ذاته بلا جريمة ارتكبها. وقد جاء في الحديث الشريف: “يعجبني الفأل، قالوا: وما الفأل؟ قال: كلمة طيبة” (متفق عليه)
النفوس الإيجابية هي التي تستمسك بالأمل، و تحسن الظن، و تستبشر بالخير فتجده.تحرر من قيود السلبية و عش بقلب سليم، تنعم بحياة سعيدة.
و أحسن الظن بالله: قال تعالى: “وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ”، فمن علم أن الخير كله بيد الله، لم يصب باليأس و الخذلان.
اشغل نفسك بالعمل النافع و اشحن عقلك بالإيجابية، فالعقل الفارغ مرتع للسلبية، أما إذا انشغل بالعلم و العمل و الطاعة، فلن يجد وقتا للتذمر والشكوى.
صاحب الإيجابيين، فالنفس تتأثر بمن تخالط، فاحرص كل الحرص على مجالسة من يزرع فيك الثقة، بدلا من أولئك الذين يلقون عليك ظلال الهزيمة قبل أن تبدأ رحلتك.
عليك بالاستغفار والدعاء: فقد قال النبي ﷺ: “من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، و رزقه من حيث لا يحتسب”
(رواه أبو داود)
السلبية لا تقاوم إلا بالإيمان العميق بأن الفرج قادم لا محالة.
أخيرا وليس آخرا، إن السلبية باب ضيق و مظلم، يختار بعض الناس أن يقيموا فيه، بينما الإيجابية بستان واسع، لا يطأه إلا من آمن أن الحياة رغم عثراتها، تحمل في طياتها أملا لمن يبحث عنه. فاختر طريق النور، و انفض عنك غبار السلبية، فالحياة ليست إلا انعكاسا لما نحمله في داخلنا.