قضية الثبات على المبدأ .. بقلم الكاتب / محمـــد الدكـــرورى

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد قيل أنه كان يزيد الرفاشي يحاسب نفسه كل يوم ويتذكر الآخرة ويقول ويحك يا يزيد من ذا يصلي عنك بعد الموت من ذا يصوم عنك بعد الموت من ذا سيتصدق عنك بعد الموت من الموت طالبه من القبر بيته من الدود أنيسة من التراب فراشه من منكر ونكير جليساه، ثم يقول أيها الناس ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم ما تبقى من حياتكم ثم يبكي بكاء شديدا، فيا كل مهموم ويا كل مكروب ويا كل مصاب ويا كل محزون ومبتلى، أبشر بفرج الله عز وجل، فبعد كل محنة منحة وهذا أمر حقيقي ملموس، ولنتدبر قصة يوسف عليه السلام بعد إلقائه في الجب، وبيعه بثمن بخس، وصار عبدا بعد أن كان حرّا، وإتهامه بالفحشاء ثم سجنه. 

أي أمل بعد ذلك؟ إنقلبت المحنة إلى محنة، وصار يوسف عليه السلام عزيز مصر، وجلس على عرش مصر، وأجلس أبويه على العرش، كان ذلك امتحانا وابتلاء من الله، رضي بقضاء الله وصبر فتبدلت المحنة إلى منحة وهذا هو المطلوب أن ترضى بقضاء الله، وتستسلم له صابرا محتسبا، ولتكن هذه رسالة إلى كل مهموم ومحزون ومبتلى، فنقول له إن مع العسر يسرا، وخطاب لكل مصاب، وكل من سحقته المشقة والعناء، نقول له إن مع العسر يسرا، ونداء لكل من أحدقت به المصائب، وأحاطت به الأزمات، نقول له إن مع العسر يسرا، ودعوة لكل من أثقلته الديون، نقول له إن مع العسر يسرا، ومواساة لكل من أقعده المرض ونغص عيشه السقم، نقول له إن مع العسر يسرا، فمن زحمة الإبتلاء، كانت رحلة الإسراء، منحة وإصطفاء رحمة وإجتباء. 

فإن قضية الإسراء والمعراج هي قضية الثبات على المبدأ المتمثل في موقف سيدنا أبي بكر رضي الله عنه، قد كان حادث الإسراء مستغربا عند البشر، إلا أن رجلا كأبي بكر الصديق لم يخالج هذا الإستغراب داخله، ولم يتردد في تصديقه قال له الكفار إن صاحبك يزعم أنه أُسري به الليلة إلى بيت المقدس ثم عاد، ونحن نقطع أكباد الإبل شهرا ذهابا وشهرا إيابا، وكان أبو بكر فطنا، فلم يقل لهم مباشرة، لقد صدق لإحتمال أنهم إفتعلوا هذا الأمر، ونسبوه إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم، إنما قال “إن كان قال فقد صدق إني أصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه في خبر السماء” فإستحق بهذا التصديق أن يكون صديقا، بل من حينها كان جديرا أن يكون ثاني اثنين، واستحق أن يكون إيمانه أثقل من إيمان الأمة جميعها، فإن الإسلام هو المنة الكبرى والنعمة العظمى، وهو الدين الوحيد الذي إرتضاه الله لأهل الأرض.

بل لأهل السماء، فما من نبي ولا رسول، إلا وبعثه الله جل وعلا بالإسلام بداية من نبي الله نوح كما قال ربنا حكاية عنه في سورة يونس ” وأمرت أن أكون من المسلمين ” إلى أن بعث الله لبنة تمامهم، ومسك ختامهم المصطفى صلى الله عليه وسلم بالإسلام قال الله تعالى لنبيه ” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ” وخاطبه الله جل وعلا بقوله ” إن الدين عند الله الإسلام ” فالدين الوحيد الذي إرتضاه الله لأهل السماء ولأهل الأرض هو الإسلام، وهو ليس للعرب فحسب، بل للبشرية كلها ولذا قال جل وعلا ” إن الدين عند الله الإسلام ” بل إن دين الجن المؤمنين هو الإسلام كما قال الله حكاية عنهم كما جاء في سورة الجن ” وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا “

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى