ريادة في التعليم المستدام وبناء قادة المستقبل.
المعلمة سها شعشاعة

تؤمن المعلمة سها شعشاعة، معلمة الرياضيات للمرحلة الثانوية، بأن دور المعلم لا يقتصر على نقل المعرفة فحسب، بل يمتد ليكون قائدًا وموجّهًا لطلابه نحو النجاح. من هذا المنطلق، أطلقت مبادرة “زهرات التغيير”، التي أتاحت لطالباتها فرصة ممارسة أدوار قيادية داخل المدرسة وخارجها، من خلال تنظيم ورش أسبوعية على مدار فصل دراسي كامل، بالتعاون مع طلاب إحدى الروضات، بهدف إكسابهم مهارات متنوعة عبر زيارات محددة الأهداف. وقد عززت هذه التجربة ثقة الطالبات بأنفسهن وأسهمت في بناء فصل دراسي متماسك، قادر على إعداد جيل يتمتع بروح القيادة المجتمعية.
لم يكن لأولياء الأمور دور هامشي في هذه المبادرة، بل كان دعمهم عنصرًا أساسيًا ساهم في تعزيز التواصل التربوي، ما انعكس إيجابًا على إعداد كوادر قيادية مؤهلة للمستقبل.
وفي إطار تطوير العملية التعليمية، شدّدت المعلمة سها على أهمية تطوير المعلمين لمهاراتهم التدريسية، الأمر الذي يسهم في تعزيز جودة التعليم، وجعل الدروس أكثر فعالية من خلال دمج استراتيجيات التدريس الحديثة بالتكنولوجيا. ومن أبرز إنجازاتها في هذا المجال، مبادرة “متقن“ التي استمرت ثلاث سنوات، وهدفت إلى ترسيخ المهارات الأساسية في الرياضيات لدى الطالبات، عبر توظيف مواقع تعليمية عالمية مثل “خان أكاديمي“ و**”لايف ورك شيت”**. وقد انعكست هذه الجهود في تحسين تجربة التعلم، وزيادة التفاعل والاهتمام بالمادة، حتى أن نماذج من مشاريع الطالبات شاركت في مسابقات مرموقة مثل “درسي في 90 ثانية“ على مستوى الدولة.
أما في مجال التقييم والتطوير الأكاديمي، فقد أطلقت المعلمة سها مبادرة “ممكنات التقييم“ على مستوى الوطن العربي، حيث قدمت سلسلة من الورش التعليمية بالتعاون مع منصات متخصصة، حول أهمية التقييم المستمر كأداة لتحسين الأداء الأكاديمي وتحقيق الأهداف التعليمية. كما شاركت في اليوم العالمي للتعليم 2025 بورشة عمل تحت عنوان “فن التغذية الراجعة لبناء جسور التواصل والتطوير الفعّال في التعليم“، حيث قدّمت نماذج لأدوات التقييم الإلكترونية، وكيفية تحليل البيانات لتوجيه التدريس، بما يضمن تحقيق الاستفادة القصوى للطلاب من التغذية الراجعة الفعالة.
في سياق التطوير المهني، تحرص المعلمة سها على حضور المؤتمرات والورش التعليمية، وتقديم خبراتها للمجتمع التربوي عبر نماذج تعليمية مبتكرة. ومن أبرز مبادراتها “جودة إماراتية”، التي شارك فيها أكثر من 2000 شخص، من طلاب ومعلمين وأولياء أمور، برعاية مؤسسات تعليمية بارزة مثل قناة النهى التعليمية، مركز العين للموهبة والتميز، منصة علّمني التصميم، ومختبر الابتكار الرقمي. وقد هدفت المبادرة إلى تعزيز مهارات الطلاب في مجالات متعددة مثل اللغة العربية، اللغة الإنجليزية، المهارات الحياتية، القيادة، والتصميم الرقمي.
وفي مجال التعلم الرقمي، أطلقت المعلمة عدة قنوات تعليمية، من بينها “التكنولوجيا والتعليم” و”الأمسات” ، حيث تشارك منذ بدء جائحة كورونا من خلالها خبراتها التربوية، وتزوّد المعلمين والطلاب بأحدث المستجدات في المجال، مع توفير نماذج من الملفات والأعمال التعليمية المصممة بطرق مبتكرة.
أما في مجال الرياضيات، فقد أسست “نادي الرياضيات الرقمي الدولي”، الذي قدّم مسابقات تهدف إلى تنمية مهارات الطلاب، من خلال دمج الرياضيات في الحياة اليومية، وتسليط الضوء على تجارب الطلاب الرواد عبر مبادرة “رواد التغيير”. كما نظّمت المؤتمر الثاني للنادي بالتعاون مع أكاديمية شامة تحت عنوان “الرياضيات والذكاء الاصطناعي في خدمة الاستدامة – تحت شعار معادلات المستقبل”، حيث مثّل هذا الحدث حافزًا للطلاب للمشاركة والفوز بجوائز مرموقة، مثل الطالبة شيخة الزحمي، الحائزة على جائزة حمدان للأداء التعليمي المتميز 2024.
إيمانًا منها بأهمية التعليم عن بعد، ساهمت المعلمة سها في مبادرة “تمكين” على مدار أربع سنوات متتالية، لمساعدة الطلاب على اكتساب مهارات التعلم الذاتي، وتوظيف التكنولوجيا لتقديم محتوى تفاعلي، انطلاقًا من قناعتها بأن التعليم الرقمي يعزز فرص الوصول إلى المعرفة وينمي الثقافة الرقمية.
تُجسد تجربة المعلمة سها شعشاعة نموذجًا مُلهِمًا لدور المعلم في تطوير العملية التعليمية، وبناء أجيال قادرة على مواجهة تحديات المستقبل. فمن خلال تبنيها لأساليب تدريس متطورة، ومبادرات ريادية، ساهمت في تحقيق بيئة تعليمية متكاملة، تنعكس إيجابًا على الطالب، المعلم، ولي الأمر، والمجتمع بأسره، مما يسهم في تحقيق نهضة تعليمية مستدامة