تهاني عدس تكتب لا تحزن إن الله معنا

خاطرة: لا تحزن إن الله معنا
بقلم: تهاني عدس
ربما تصاب بالإحباط والقلق من المستقبل بسبب كل ما يحدث حاليًا من حروب وأزمات جيوسياسية وصراعات تكنولوجية و كوارث طبيعية. كل هذا يمكن بالفعل أن يساهم في تشكيل ملامح واقعنا في الأعوام القادمة وربما يترك بصمة واضحة على حياتنا على جميع الأصعدة.
لكن قبل أن يتسلل اليأس والخوف إلى قلبك، هل تذكر ماحدث في عام ٢٠٢٠؟
لقد كان عامًا كارثيًا بكل المقاييس، مليئًا بالتحديات الصعبة وأيضًا بالمفاجآت الغريبة والغير سارة.
بدأ العام بوباء كورونا الذي أصاب ما يقرب من٨٠ مليون انسان وتسبب في مقتل ما يقرب من ٢ مليون ضحية، فرض علينا جميعًا الالتزام بمنازلنا لعدة أشهر للحد من انتشاره، ثم انفجارات ضخمة مثلما حدث في مرفأ بيروت، والذي “اوقع 200 قتيل وأكثر من خمسة آلاف جريح، وجعل آلاف العائلات من دون مأوى”، ثم احتجاجات اجتاحت مناطق مختلفة من العالم مثل ما حدث هنا بالولايات المتحدة الأمريكية.
لقد عانى البشر في كل بقعة من بقاع الأرض خلال هذا العام في كافة جوانب الحياة، ماديًا وصحيًا واجتماعيًا، منهم من فقد عزيزًا ومنهم من وقع اسيرًا للمرض ومنهم من اضطر أن يترك عمله خوفًا من أن يُصاب بمكروه، فضلًا عن المعاناة النفسية التي هي مازالت مستمرة حتى هذه اللحظة.
شئنا أم ابينا، لقد فرض علينا في عام ٢٠٢٠ واقعًا جديدًا لم نجد إلا تقبله.
أما على الصعيد السياسي، فمنذ ظهور وباء كورونا في بداية العام، انشغل الساسة وقادة الدول في التصدي له وإيجاد آلية لإنقاذ حياة رعاياهم، فقاموا بفرض حزمة من الإجراءات لتقليل انتشار المرض، منها إجراءات التباعد الاجتماعي وإعلان الطوارئ وفرض العزل المنزلي.
على أثر هذه الإجراءات، أغلقت المؤسسات الدينية والتعليمية والمحال التجارية والمصالح الحكومية مما أضعف الاقتصاد وتفشي البطالة في معظم هذه الدول.
يبدو أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يعلمنا من كل ما حدث دروسًا عميقة كان من المستحيل أن نتعلمها في أي وقت مضى:
– تعلمنا قيمة الحياة وأن العادي الذي نتمرد عليه نعمة يجب ان نحمد الله عليها. تعلمنا ان الصحة هي أغلي ما نملك وليس البيت أو السيارة أو الملابس الفاخرة.
– تعلمنا أن نتخلى عن كل ما هو غير ضروري وأن نشتري ما نحتاجه فقط للبقاء على قيد الحياة. تعلمنا أن نعيد النظر في علاقاتنا الاجتماعية.
– تعلمنا أن نتخلص من العلاقات السامة لأننا أدركنا ان الحياة قصيرة فلا داعي للمبالغة في الصبر على هذه العلاقات. أصبحنا نبحث عن اناساً يملكون أرواحًا تشبه أرواحنا، نرتاح لهم ونسعد بصحبتهم، من يتقبلوننا كما نحن رغم عيوبنا.
– الدرس الأهم هو أننا تعلمنا كيف نتكيف مع أي وضع مهما كان غريبًا أو جديدًا علينا، ابتكرنا وسائل تكنولوجية جديدة للتواصل فيما بيننا، أصبحنا نحضر المناسبات العائلية والعامة ونمارس المهام المهنية دون أن نغادر منازلنا عن طريق وسيلة الكترونية عبقرية الا وهي زووم، اتبعنا طرقاً حديثة للتعليم حتى وإن لم نرض عنها كل الرضا لكنها طرق مبتكرة ومختلفة عن كل الطرق التقليدية التي كنا نتبعها في السابق، أصبحنا نتعلم ونحصل العلم دون أدنى مجهود، فالعالم بالفعل أصبح بين أيدينا.
بالإضافة إلى ذلك، انشغال الحكومات والقادة السياسيون بكورونا وضعف الاقتصاد أجبرهم على التوقف عن لغة التهديد والوعيد فيما بين الدول وبعضها، فارتحنا ولو فترة قصيرة من التفكير في احتمالية نشوب حرب عالمية ثالثة.
هذا الى جانب اختفاء الجماعات الإرهابية من على الساحة وتوقف كل أحداث العنف التي يروعون بها البشر ولو بشكل مؤقت.
بلا شك عام ٢٠٢٠ حمل لنا سلبيات عديدة، لكن إذا دققنا النظر في كل ما حدث خلاله سنجد أنه لم يجعلنا فقط نعيد حساباتنا، بل غير نظام حياتنا تغييرًا شاملًا.
حمل لنا هذا العام ابتلاءات متنوعة أثقلت كاهلنا. في الوقت نفسه، و في رأيي الشخصي، هذه الابتلاءات جاءت و في داخلها ألطاف عظيمة من الله اللطيف، لذلك كن واثقًا أن مع الابتلاء يأتي لطف الله.
واعلم ان الله لم يبتلينا ليعذبنا، بل ليهذبنا.
ففي مقولة ذهبية لابن القيم الجوزية رحمه الله: “لا يُبتَلى الإنسان دوماً ليُعذَّب؛ وإنما قد يُبتَلى ليُهذَّب”.
ونتعلم أيضًا من قول الله تعالى في كتابه الكريم:
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ المُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبَارَكُمْ): محمد:٣١
الله سبحانه وتعالى يبتلينا ليختبر مدى صدقنا ومجاهدتنا وصبرنا على الإبتلاء.
الخلاصة، إن كل ما حدث وما يحدث و ما سوف يحدث بأمر الله، كل شيء بيده وسوف يجعل لنا مخرجًا. فلا تدع الإحباط والقلق والخوف يتمكنون منك، إننا في رعاية الله ولطفه وسيدبر لنا الأمر.