العقلاء هم الذين يجمعون القلب .. بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله، وكفى وسمع الله لمن دعا، وبعد، فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واعلموا أن في الدين عصمة أمركم، وحسن عاقبتكم أما بعد إن من نعم الله على عباده أن جعل لهم مواسم للخير، فيها يزيدون من أعمالهم، وفيها يتقربون لخالقهم ومولاهم، فنحن نعيش في بعض من هذه النفحات والبركات، ولعل أحد أبرز هذه النفحات والبركات هو شهر شعبان الفضيل ولنا مع هذا الشهر وقفات عديدة ومهمة، ولعل أول هذه الوقفات هي أن شهر شعبان هو شهر الإستعداد وشهر التهيئة وشهر الترويض وشهر التدريب وشهر التمرين وشهر التأهيل التربوي والرباني والتعبدي، وعلى المسلم أن يجعل من هذا الشهر دورة تأهيلية لشهر رمضان. 

فيحرص فيها على الإكثار من قراءة القرآن، ويحرص فيها على الصدقة والبذل، ويحرص فيها على إطعام الجوعى، ويحرص فيها على مد يد العون والمساعدة، ويحرص فيها كذلك على كثرة الصيام، ويجعل هذا الشهر الذي يغفل عنه كثير من الناس بمثابة دفعة قوية، وحركة تأهيلية لمزيد من الطاعة والخير في رمضان، حتى اذا ما دخل عليه رمضان كان أكثر الناس إقبالا، وأكثر الناس تعبدا، واكثر الناس طاعة وأكثر الناس نشاطا، وأكثرهم حماسا وروحانية، وأكثرهم حرصا على طرق أبواب الخير جميعها، أما إذا هجمنا على شهر رمضان بلا إستعداد، وبلا تهيؤ وبلا تدريب أو ترويض سنستقبل أيامه بعد ذلك بملل نفس وبضيق صدر، وبقلة في الطاعات، وكسل في العبادات. 

ولا نزال نمنّي أنفسنا حتى نخرج من هذا الشهر ولذلك كانت توطئة النفس لقبول أمر الله عزوجل من أعظم الأمور وهل جلسنا يوما لنحاسب النفس كم قدمت وكم قربت من طاعات؟ وكم فرطت في معاصي وبليات ومنكرات؟ ما فعلنا هذا؟ إذ لو اننا فعلنا هذا لتغير الحال، لأن كل عاقل لا يبحث إلا عن ما ينفعه، ولا يفر إلا مما يضره، فرأينا أنفسنا حينها كسالى عن العبادات، وكسالى عن الطاعات لا نأتي الصلاة إلا دبارا، وقل من يتفطن للصف الأول، وقل من يأتي عند الأذان، بل نرى في باقي الطاعات وعظيم القربات كم أدينا من نوافل؟ وكم قمنا وأدينا من مسنونات؟ لكن في امر الدنيا الفانية، وفي امر الحياة الزائله نرى العكس من هذا كله، فكم من تاجر يموت كمدا أو يعيش بحسرة حينما يرى جاره من التجار أعلى منه ربحا ومكسبا.

وصاحب الأموال يموت كمدا إن بارت تجارته أو خسر ماله، لأنه عاقل يحسبها بحساب كما يقال بالقلم والورقة فعند الربح يفرح، وعند الخسارة يحزن وفي ماذا؟ في أمر تافه، وفي عرض من الدنيا قليل، إلى أن يأتيه أمر الخروج الإجباري وهو الموت وقد ذهب الحزن كله مع أول سكرة ومع أول خروج للروح، فلا يحزنهم الفزع، بمجرد أن تخرج الروح إلى روح وريحان، ولذلك العقلاء هم الذين يجمعون القلب، ويجمعون النفس، ويهيئون الأمر للسير إلى الله عز وجل، نسأل الله العظيم أن يوفقنا للعمل الصالح وأن يبلغنا شهر رمضان ونحن في صحة وعافية، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى