زوروا القبور فإنها تذكر بالموت .. الكاتب/ محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله المحمود بجميع المحامد تعظيما وثناء المتصف بصفات الكمال عزة وكبرياء، الحمد لله الواحد بلا شريك القوي بلا نصير العزيز بلا ظهير الذي رفع منازل الشهداء في دار البقاء وحث عباده على البذل والفداء أحمده سبحانه حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه فهو الأول والآخر والظاهر والباطن ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأئمة الكرام النجباء وسلم تسليما كثيرا أما بعد اتقوا الله عباد الله فإن تذكر القبر وأحواله، وزيارة القبور بين حين وآخر حتم لازم لمن أراد حياة قلبه، وخشوعه في عبادته، وبناء آخرته، وقد قال النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم ” زوروا القبور فإنها تذكر بالموت ” رواه أبو داود.

وكان أبو الدرداء رضي الله عنه يقعد إلى القبور فقيل له في ذلك فقال ” أجلس إلى قوم يذكرونني معادي، وإن قمت عنهم لم يغتابوني” وقيل لبعض الزهاد ما أبلغ العظات؟ فقال النظر إلى محلّة الأموات ” وذلك لأن زائر القبور يرى أهل القبور قد تركوا جميع ما يملكون وراءهم، إلا أكفانهم وأعمالهم فيعتبر بذلك، وزائر القبور يرى أهلها لا يستطيعون العمل، ولا إكتساب حسنة واحدة فيسعى للعمل والاكتساب مادام قادرا عليه، فقال أبي ذر رضي الله عنه ” ألا أخبركم بيوم فقري؟ يوم أنزل قبري” ونظر الحسن رحمه الله تعالى إلى ميت يدفن فقال ” إن شيئا أوله هذا لحقيق أن يخاف آخره، وإن شيئا هذا آخره لحقيق أن يزهد في أوله ” وقد رأيتم وسمعتم عن أثرياء يملكون ميزانيات دول، صاروا إلى القبور بلا شيء من دنياهم.

كان الناس في حياتهم يغبطونهم، ثم بعد وفاتهم يدعون لهم بالعون على حسابهم، ألا فلنتعظ عباد الله بمن مضوا إلى قبورهم قبلنا، فعن قريب سنكون عظة لغيرنا، والسعيد من قدم على الله تعالى بخير ما عمل، والشقي من تمادى به التسويف حتى مات بلا عمل، فعلينا جميعا أيها الأخوة الكرام بتهيئة العزيمة ونحن مقبلون علي شهر رمضان المبارك بالعزم على فتح صفحة جديدة مع الله تعالي وجعل أيام رمضان غير أيامنا العادية، وعمارة بيوت الله عز وجل وشهود الصلوات كلها في جماعة، وإحياء ما مات من سنن العبادات، مثل المكث في المسجد بعد الفجر حتى شروق الشمس، والمبادرة إلى الصفوف الأولى وقبل الأذان بنية الاعتكاف إلي غير ذلك من أعمال الخير والبر، وأيضا نظافة الصوم مما يمكن أن يلحق به من اللغو والرفث، سلامة الصدر.

والعمل الصالح في رمضان، وإستحضار أكثر من نية من الآن، ومن تلك النيات هو نية التوبة إلى الله تعالي، ونية فتح صفحة جديدة مع الله، ونية تصحيح السلوك وتقويم الأخلاق، ونية الصوم الخالص لله، ونية ختم القرآن أكثر من مرة، ونية قيام الليل والتهجد، ونية الإكثار من النوافل، ونية طلب العلم، ونية نشر الدعوة بين الناس، ونية السعي إلى قضاء حوائج الناس، ونية العمل لدين الله تعالي ونصرته، ونية العمرة، ونية الجهاد بالمال وغيرها من الأعمال الصالحة، وجاهد نفسك وإمنع النفس من بعض ما ترغب فيه من ترف العيش، والزهد في الدنيا وما عند الناس، وعدم التورط في الكماليات من مأكل ومشرب وملبس، كما يفعل العامة عند قدوم رمضان، وكذلك التدريب على جهاد اللسان فلا يرفث، وجهاد البطن فلا يستذل، وجهاد الشهوة فلا تتحكم، وجهاد النفس فلا تطغى، وجهاد الشيطان فلا يمرح.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى