دور الإنسان في تحقيق العدالة الاجتماعية.. الكاتبة/ الزهرة العناق

العدالة الاجتماعية ليست مجرد مبدأ نقوم بطرحه على طاولة الحوار أو في الخطابات أو شعار يرفع في المسيرات، بل هي فلسفة متجذرة في صلب وجود الإنسان، تنير دربه نحو تحقيق المعنى الحقيقي للحياة.
إذا تعمقنا في الموضوع نجد بأن الإنسان بمحض إرادته ومسؤولياته الأخلاقية، هو الركيزة الأساسية لبناء مجتمع قائم على القيم الإنسانية النبيلة، حيث تتجلى العدالة في أسمى صورها كجسر يربط بين الحقوق والواجبات.
إن تحقيق العدالة الاجتماعية يبدأ حين يدرك الإنسان أن حريته ليست مطلقة، بل هي مقيدة في حدود احترام حقوق الآخرين. و مفهوم العدالة ممكن أن يتحول من كونه مطلبا لا ينتزع إلى حالة وعي داخلي توجه سلوك الفرد والجماعة. العدالة ليست مجرد توزيع متكافئ للموارد، بل هي شعور بالانتماء والاحترام المتبادل، حيث يقدر كل فرد على أساس إنسانيته، لا على معايير تحددها اعتبارات طبقية أو مصالح تتعلق بالأنانية.
و عليه، دور الإنسان في تحقيق العدالة الاجتماعية يتطلب توازنا عميقا بين وعيه بذاته وفهمه لاحتياجات المجتمع. ففي عالم تتصادم فيه المصالح وتتفاوت فيه الحظوظ، على الإنسان أن يجسد الحكمة في أفعاله، مسترشدا بمبادئ الإنصاف والمساواة. وهذا لا يتحقق إلا بصحوة الضمير، الذي يعتبر البوصلة التي توجه الأفراد نحو بناء جسور التواصل والتضامن.
أما إذا نظرنا للموضوع بعين فلسفية أعمق، نجد أن العدالة الاجتماعية ليست هدفا و إنما هي رحلة مستمرة من التغيير والتطوير. و الإنسان بصفته كائنا اجتماعيا، يقع على عاتقه مسؤولية تجاوز النزاعات الفردية و الأنانية، والسعي نحو خلق بيئة تنص على قيم التعاون والتكافل. ففي كل خطوة يقدم عليها لتحقيق العدالة، يعيد صياغة ذاته ككائن حي قادر على تجاوز حدود “الأنا” لصالح الجماعة.
لعل أهم المفاتيح الجوهرية لتحقيق العدالة الاجتماعية هو تعزيز التعليم كأداة لتحرير العقول من قيود الجهل والتمييز.