الدكـــروري يكتب: إحذر أخي الحبيب من أذى الجار

 

الحمد لله وسعت رحمته ذنوب المسرفين وأعجزت نعمه عد العادين، عظم حلمه فستر، وتكرم بالعطاء فأكثر، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، غفر بالتوبة كبير الآثام، ومحا بالندم خطايا الأيام، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، سيد الأنام، صلي الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله السادة الكرام، وأصحابه الأعلام، والتابعين، ومن تبعهم بإحسان، ما تعاقبت الأيام، وسلم تسليما كثيرا مزيدا على الدوام، أما بعد لقد فرض الله عز وجل علي العباد حقوق وواجبات ومن تلك الحقوق في الإسلام هو حق الجار، ولقد جعل النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم الزنا بحليلة الجار من أعظم الذنوب عند الله تعالى فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال “سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم عند الله؟ 

قال “أن تجعل لله ندا وهو خلقك” قلت ذلك بعظيم، ثم أي؟ قال “أن تقتل ولدك مخافة أن يَطعم معك” قلت ثم أي؟ قال ” أن تزاني حليلة جارك” بل إن أذى الجار هو سبب دخول النار، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رجل يا رسول الله، إن فلانة تكثر من صلاتها وصدقتها وصيامها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها قال “هي في النار” قال يا رسول الله، فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصلاتها، وأنها تتصدق بالأثوار من الأقط، ولا تؤذي جيرانها، قال ” هي في الجنة” رواه احمد، وكما أن أذى الجار هو سبب لعدم دخول الجنة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه ” رواه البخاري ومسلم، بل يقسم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فيقول ” والذي نفسي بيده، لا يدخل الجنة عبد لا يأمن جاره بوائقه ” رواه أحمد.

وليعلم كل من يؤذي جاره أن أول من سيخاصمه أمام الله يوم القيامة هو جاره، فعن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” أول خصمين يوم القيامة جاران ” فإحذر أخي الحبيب من أذى الجار حتى لا يشكوك إلى الله تعالى يوم القيامة، واعلم أن من صور إيذاء الجار هو الوقوع في عرضه ومن سب أو لعن أو شتم أو غيبة أو نميمة، وقد روي الإمام أحمد أن رجلا قال يا رسول الله، إن فلانة تكثر من صلاتها وصدقتها وصيامها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال ” هي في النار” وكذلك أيضا سوء الظن به والتجسس عليه، وقد نهى الله تعالى عن ذلك، فقال سبحانه وتعالى ” يا ايها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ” وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التجسس، فقال “يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تتبعوا عورات الناس، فمن تتبع عوراتهم، فضحه الله في جوف بيته” رواه أحمد.

واعلموا يرحمكم الله بأن الدعوة لتحمل أذى الجيران لا تعني أن تكون هناك السلبية وعدم الشكوى وإنما إخباره بضرره بطريقة مهذبة ويمكن أن أتغافل إن لم يكن الضرر كبيرا ولم يتكرر الأذى، وأَن أحرص على ألا تقع أيّة خصومة أو اصطدام بيننا بل ينبغي أن أجد لأذاه عذرا لأنه يمكن أن يكون مثلا الإزعاج عارضا بسبب وجود الضيوف، فينبغي أن يصبر بعضنا على بعض، وأن نتقرب إلى الله بالصبر وحسن الجوار، وكما ينبغي علينا التضامن والتكافل مع الجيران، وهذا الخلق للأسف الشديد بدأ يضعف وذلك لقلة أو غياب التعارف فيما بين الجيران، فقد نسكن لسنوات في عمارة أو حي ولا نعرف في بعض الأحيان حتى وجوه جيراننا، بل أسماءهم وأحوالهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى