قواعد أهل السنة والجماعة .. بقلم الكاتب / محمـــد الدكـــرورى

الحمدلله الذي خلق الخلق بقدرته، وجعل سعادتهم في إتباع شريعته، أحمده سبحانه وأشكره على ما أفاض على العباد من عظيم رحمته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له في ربوبيته ولا إلهيته ولا في أسمائه وصفاته وعد من إتبع هداه بحبوحة فضله ونعمته وتوعد من أعرض عن هديه بالشقاء وشديد نقمته وأشهد أن محمدا عبدالله ورسوله دعا وجاهد في سبيل الله بكل ما أوتي من قوته وبين للناس هدى ربهم وشريعته فصلى الله عليه وعلى آله وصحابته وسلم تسليما كثيرا، أما بعد روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ”يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول الناس يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية فمن لقيهم فليقتلهم فإن قتلهم أجر عند الله لمن قتلهم” رواه ابن ماجه.
وفي قوله صلي الله عليه وسلم “أحداث الأسنان” أي صغار الأسنان فإن حداثة السن محل للفساد عادة، وقوله “سفهاء الأحلام” هم ضعفاء العقول ” يقولون من خير قول الناس” أي يقولون قولا هو من خير قول الناس أي ظاهرا قيل أريد بذلك قولهم لا حكم إلا لله حين التحكيم ولذلك قال علي رضي الله تعالى عنه في حربهم كلمة حق أريد بها باطل، وقيل ومثله دعاؤهم إلى كتاب الله، وبالجملة فالمراد أنهم يتكلمون ببعض الأقوال التي هي من خيار قول الناس في الظاهر قوله “لا يجاوز تراقيهم” أي حلوقهم بالصعود إلى محل القبول أو النزول إلى القلوب ليؤثر في قلوبهم، قوله “يمرقون” كيخرجون لفظا ومعنى قوله ” من الرميّة”هي الرمية يرميها الرامي على الصيد، وقوله “فإن قتلهم أجر” أي ذو أجر، وإن من قواعد أهل السنة والجماعة.
هو أن من دخل الإسلام بيقين فلا يخرج منه إلا بيقين وفي الحديث الشريف ” فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة” رواه مسلم، فمن نطق بالشهادة فقد حرم دمه وماله وعرضه وصار كالمسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم، ما دام لم ينقض ما أبرمه من ميثاقها الغليظ بأن ظهر منه ما يستوجب كفره، وقامت عليه الحجة ممن يحسنها وهم الراسخون في العلم، وقال شيخ الإسلام ” وقد علم بالإضطرار من دين الرسول صلى الله عليه وسلم، وإتفقت الأمة على أن أصل الإسلام وأول ما يؤمر به الخلق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فبذلك يصير الكافر مسلما والعدو وليا والمباح دمه وماله معصوم الدم والمال ثم إن كان ذلك من قلبه فقد دخل في الإيمان وإن قاله بلسانه دون قلبه فهو في ظاهر الإسلام دون باطن الإيمان” وقال أيضا رحمه الله.
” فإن نصوص الوعيد التي في الكتاب والسنة ونصوص الأئمة بالتكفير والتفسيق ونحو ذلك لا يستلزم ثبوت موجبها في حق المعيّن إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع” وقال أيضا ” لا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله ولا بخطأ أخطأ فيه، كالمسائل التي تنازع فيها أهل القبلة” وقاعدة من لم يكفر الكفار فهو كافر، قاعدة صحيحة لكنها منضبطة بضوابط واضحة المعالم، وليست منفلته بل مقيده بقيود ثقال، ولا يجوز تكفير المسلم بلا برهان، وقال عليه الصلاة والسلام “أي رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما” متفق عليه، وفي الصحيحين كذلك “ومن قذف مؤمنا فهو كقتله” فالتكفير ليس مشاعا لكل أحد بل هو منوط بمن يملك أدواته وهم الراسخون في العلم وتطبيق الحدود إنما هو للإمام أم نائبة لا لآحاد الناس.