الدكـــروري يكتب: إبتلاء ثلاثة في بني إسرائيل

الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغاما لمن جحد وكفر، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، سيد الخلائق والبشر، الشفيع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى أصحابه ما اتصلت عين بنظر، وسمعت أذن بخبر، ثم أما بعد إن أعظم من يجب علينا الوفاء لهم وحفظ جميلهم ثلاثة وهم النبي صلى الله عليه وسلم والوالدان والمشايخ والعلماء، فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال “بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد لطلب سعد بن الربيع وقال إن رأيته فأقرئه مني السلام وقل له كيف تجدك؟ قال فأتيته وهو في آخر رمق به سبعون ضربة ما بين طعنة برمح وضربة بسيف، ورمية بسهم، فقلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أنظر في الأحياء أنت أم في الأموات؟
قال إني في الأموات فأبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عني السلام، وقل إن سعد بن الربيع يقول جزاك الله عنا خير ما جزى نبيّا عن أمته، وقل إني أجد ريح الجنة وأبلغ قومك عني السلام، وقل لهم إن سعد بن الربيع يقول لكم لا عذر لكم عند الله تعالى إن خلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكروه، وفيكم عين تطرف ثم لم يبرح أن مات” واعلموا إن من تعوّد نكران نعمة الناس وفضلهم عليه وترك شكره لهم، كان من عادته كفر نعمة الله عز وجل وترك الشكر له، وقد قص علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قصة بعض الجاحدين وما حل بهم من عقوبة الله تعالى، حين قال صلى الله عليه وسلم ” إن ثلاثة في بني إسرائيل، أبرص وأقرع وأعمى، فأراد الله أن يبتليهم، أي يمتحنهم.
فبعث إليهم ملكا، فأتى الأبرص فقال أيّ شيء أحب إليك؟ قال لون حسن وجلد حسن، ويذهب عني الذي قد قذرني الناس، قال فمسحه فذهب عنه قذره، وأُعطي لونا حسنا وجلدا حسنا، قال فأي المال أحب إليك؟ قال الإبل، قال فأعطي ناقة عشراء، قال بارك الله لك فيها، قال فأتى الأقرع فقال أيّ شيء أحب إليك؟ قال شعر حسن ويذهب عني هذا الذي قذرني الناس، قال فمسحه فذهب عنه وأعطي شعرا حسنا، قال فأي المال أحب إليك؟ قال البقر، فأعطي بقرة حاملا، فقال بارك الله لك فيها، قال فأتى الأعمى فقال أي شيء أحب إليك؟ قال أن يردّ الله إليّ بصري فأبصر به الناس، قال فمسحه فردّ الله إليه بصره، فقال فأي المال أحبّ إليك؟ قال الغنم، فأعطي شاة والدا، أي وضعت ولده وهو معها، فأنتج هذان
وولد هذا، قال فكان لهذا وادي من الإبل، ولهذا وادي من البقر، ولهذا واد من الغنم قال ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته، فقال رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا أتبلغ عليه في سفري، فقال الحقوق كثيرة، فقال له كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس؟ فقيرا فأعطاك الله؟ فقال إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر، فقال إن كنت كاذبا، فصيّرك الله إلى ما كنت، قال وأتى الأقرع في صورته فقال له مثل ما قال لهذا، وردّ عليه مثل ما ردّ على هذا، فقال إن كنت كاذبا فصيّرك الله إلى ما كنت، قال وأتى الأعمى في صورته وهيئته، فقال رجل مسكين وابن سبيل، انقطعت بي الحبال في سفري.
فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك أسألك، بالذي ردّ عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري، فقال قد كنت أعمى فرد الله إليّ بصري، فخذ ما شئت، ودع ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم شيئا أخذته لله، فقال أمسك مالك، فإنما ابتليتم فقد رضي عنك وسخط على صاحبيك” متفق عليه.