أفضل التربية وأوقعها في نفس الطفل .. الكاتب/ محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الرحيم الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنزل القرآن هدى للناس وبينات من الهدي والفرقان وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وعظيمنا محمدا عبده ورسوله سيد ولد عدنان، صلى عليه الله وملائكته والمؤمنون وعلى آله وأزواجه وخلفائه وجميع أصحابه ومن تبعهم بإحسان، ثم أما بعد لقد أوصي الإسلام الآباء والأمهات بتربية أبناءهم تربية حسنة علي كتاب الله وسنة نبيه المصطفي صلي الله عليه وسلم، وإن للطفل الحق في التربية والتهذيب والتوعية، فكل من الأب والأم مسؤول أمام ربه عز وجل عن تربية الولد وتأديبه وإصلاح خلقه وتوجيهه إلى سبيل الرشد والإستقامة، إمتثالا لقول الله عز و جل ” يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ” فوقاية الأسرة من النار تتم بالإيمان والخلق الصالح.
الذي نشأ عليه الطفل برعاية أبويه وتربيتهما له على ذلك، ويقول النبي المصطفي صلى الله عليه و سلم ” كلكم مسؤول عن رعيته، الأمير راع على الناس ومسؤول عن رعيته والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته وامرأة الرجل راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم ” رواه البخاري، وفي القران الكريم والسنة النبوية نصوص كثيرة هي قواعد ومبادئ في التربية الصحيحة والتقويم الرشيد، لكن أفضل التربية وأوقعها في نفس الطفل ما كان منها بالقدوة الحسنة والتعامل السليم مع الطفل فيحرص كل من الأبوين أن لا يفعل فعلا شائنا أو يقول قولا نابيا أمام الطفل، إذ من المعلوم أن الطفل يقتدي بأبويه ويلتقط منهما كل ما يصدر عنهما من حسن أو قبيح، فعن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيتنا وأنا صبي.
فذهبت أخرج لألعب فقالت أمي يا عبد الله تعالي أعطيك فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” وما أردت أن تعطيه قالت أعطيه تمرا قال أما إنك لو لم تعطيه شيئا كتبت عليك كذبة ” رواه أحمد و أبو داود، وإنما حذر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأم من الكذب على إبنها خشية أن يتعلم منها هذا الخلق الذميم فينغرس فيه الكذب من صغره فلا يزال خلقه سائر حياته، وكما أن للطفل الحق في التعليم والتثقيف، وهو حق للطفل على والديه فيعملان على تعليمه من العلم ما ينفعه في دينه وفي دنياه، ويدخل هذا الحق في قوله سبحانه وتعالى ” والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين” والولد إنما يكون قرة عين لوالديه إذا كان صالحا وذا علم بما ينفعه وينفع غيره، ومسؤولية الوالدين عن ولدهما تستلزم مسؤوليتهما عن تعليمه وتنوير عقله بالمعرفة.
فالإنسان بدون علم إنسان عاجز ضال عالة على غيره في جلب منافعه ودرء ما يضره، وكما أن للطفل الحق في التملك، فمن حقه أن يتصرف فيما يملك من مال دون أن يحول بينه و بين ذلك أحد من أوليائه بذريعة صيانة متاعه من العبث والضياع، فالطفل إذا كان يحسن التصرف في ماله من غير سفه ولا إسراف فلا حق لوالديه أو غيرهما أن يأخذ منه ماله أو يمنعه من التصرف فيه فإذا ثبت رشده وحسن تصرفه في ماله فله الحق في كسبه والتحكم في ماله بدليل حديث معن ابن يزيد قال كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها فأتيته بها فقال والله ما إياك أردت فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال ” لك ما نويت يا يزيد ولك ما أخذت يا معن ” رواه البخاري وغيره.
فالنبي صلى الله عليه وسلم حكم لمعن على أبيه وأقر الولد على ما أخذ من مال ولم يأمره برده إلى أبيه، فأثبت صلى الله عليه وسلم بذلك حق الصبي في التملك وأن لا حق لوليه في أخذ ماله منه.