أخر الأخبار

خاطرة: مواليد شهر مارس  بقلم: تهاني عدس

خاطرة: مواليد شهر مارس 

بقلم: تهاني عدس

 

أعتز وأفتخر بانتمائي إلى أولئك الذين وُلدوا في شهر مارس.

عندما كنا في بطون أمهاتنا نُعد أنفسنا للخروجِ إلى الدنيا، كانت الأرض منهمكة في مخاضٍ عسير كي تُخرج لكم الخيرات من جوفها.

خرجنا نبكي، فانتفضت السماء ورعدت وبرقت وفاضت بماء المطر النقي، ليختلط بدموعنا البريئة فارتوت به ربوع الأرض، وارتدت الرداء الأخضر البديع، وابتهجت وتزينت أرجائها بشتى أنواع الزهور، وكأنها تحتفي بنا.

ثُم اكتست الأشجار العارية بأوراقها، بعد أن جُردت منها وتعرت على أيدي الخريف المتقلب ومن بعده الشتاء الكئيب.

كنا نضم كفوفنا الصغيرة، فتلتفت لنا الشمس، فتبعث أشعتها الدافئة المُعبقة برائحة النسيم العليل، كي تجبر أمشير ورياحه الباردة على الرحيل.

كتب آبائنا شهادات ميلادنا وكُتبت معها شهادة إيقاف مؤقتة لأيام وليال شتوية باردة أمرضت الجميع. فقد شهد ميلادنا ولادة أيام وليال ربيعية تحمل الدفء والبهجة للدنيا.

إننا عندما وُهبنا الحياة، مُنحت الدنيا حياة.

نحن الهادئون الصامتون، الثرثارون ليسوا منا. إن وجدتمونا نثرثر معكم، فاعلموا أننا وجدنا منكم الخير واحببناكم، فلا تخذلونا!

سنتسلل لقلوبكم وأنتم لا تشعرون، وستجدوننا لطفاء في عشرتكم دومًا.

فالقساة والمتجبرين ليسوا منا، فنحن من نضْمُد جراحكم وكلا كفينا مجروحين، نداوي أنفسنا ذاتيًا ولا نلجأ لأحد غير الله.

لقد خُلقنا بذراعين، لا لنأخذ شيئا أو نُلوى بهم، بل لنمد بهم العون، ونعطي بهم الخير، فلا تمنعوه عنا!

هكذا خلقنا، لكي نكون مسحة حبٍ على جبين الدنيا.

فلو على الحب، فنحن له، و أما عن الخير، فنحن أهله.

بعد أيام معدودات، سيطل علينا شهر مارس هذا العام مصطحبًا معه ضيفًا عزيزًا على القلوب. إنه رمضان، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار. سيأتي و في جعبته البركة والخير الكثير.

كل عام وأنتم ونحن معكم بخير! لأننا نستحق الخير كله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى