الدكـــروري يكتب: حق الأبناء في النسب

الحمد لله المتفرد بالعظمة والجلال، المتفضل على خلقه بجزيل النوال، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وهو الكبير المتعال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الداعي إلى الحق، والمنقذ بإذن ربه من الضلال، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه خير صحب وآل، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل، ثم أما بعد لقد أوصي الإسلام الآباء والأمهات بتربية أبناءهم تربية حسنة علي كتاب الله وسنة نبيه المصطفي صلي الله عليه وسلم، وإن من الحقوق الواجبه للأبناء هو حق النسب فمن حق الطفل أن يكون له أصل ينتمي إليه ونسب يعرف به ويدعى إليه، وقد حرم الإسلام على الإنسان أن يتنكر لحسبه، وينتمي لغير أصله، حيث يقول الله عز وجل ” وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله”
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ” من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام ” رواه الشيخان، ويعني أن ينتسب الابن إلى غير أبيه وهو يعلم أنه ليس بأبيه فذلك كذب وزور وتنكر للنسب الصحيح، ولم يقبل الإسلام من الزوج أن ينفي من نسبه ولده الذي ولد على فراشه لكونه يتهم امرأته بالزنا دون بينة شرعية له على ذلك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا من البادية جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن امرأتي ولدت غلاما أسود فقال النبي صلى الله عليه و سلم ” هل لك من إبل ” قال نعم قال ” ما ألوانها ” قال حمر قال ” فهل فيها من أورق” أي له لون مغاير للإبل الأخرى، قال نعم قال ” أنى ترى ذلك قال أراه نزعه عرق قال فلعل ابنك نزعه عرق ” رواه البخاري ومسلم، يعني أن لون الولد إذا كان مغايرا للون أبيه فقد يكون راجعا إلى جد من أجداده.
من جهة أبيه أو أمه، ولا يكون ذلك موجبا لشك الرجل في امرأته وتنكره لابنه، فالولد للفراش كما قال النبي صلى الله عليه و سلم ” رواه البخاري ومسلم، يعني أن المرأة إذا ولدت على فراش زوجها في الأجل المعروف لولادتها فالولد منسوب إلى زوجها ولا يجوز له أن ينكره وينفيه من نسبه، وكما حرم الإسلام على المرأة أن تأتي بولد من غير زوجها فتنسبه إلى زوجها وتدخله في نسبه كذبا وزورا، ففي آية بيعة النساء يقول سبحانه ” ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن” يعني من الشروط الموضوعة على النساء الراغبات في الإسلام أن لا تأتي المرأة بولد من غير زوجها فتلحقه بنسب زوجها بهتانا وإفتراء على نسبه، فذلك ذنب أكبر من الزنا لما فيه من شهادة الزور التي هي من أكبر الكبائر، ومن أجل ذلك ذكر سبحانه في هذه الآية الأمرين، الزنا وإفتراء البهتان.
الذي هو نتيجة للزنا أحيانا ليبين سبحانه أن كلا منهما ذنب مكتوب على مقترفه، فالمرأة إذا زنت فعليها إثم الزنا أما إذا ولدت من الزنا ونسبت وليدها إلى زوجها كان عليها إثم أكبر من ذلك وشهادة الزور، وكما حرم الإسلام التبني أي أن يلحق الرجل ولدا بنسبه إلى أصله وهو ليس من صلبه وقد مضى في الآية الآنفة الذكر ” وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ” وهو أيضا من شهادة الزور وفيه تزييف النسب وإنحراف به عن أصله وتبديل الأحكام الشرعية في الميراث والزواج والعلاقة بين الولد الدخيل وأفراد الأسرة التي إحتضنته مما ليس محل بسطه وتفصيل القول فيه مناسبا في هذا المقام، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.