اليوم العالمي للمرأة.. إشراقة النور في مسيرة الإنسانية

 

في كل عام، يعبر الثامن من مارس عتبات الزمن حاملا معه احتفاءً لا يشبه غيره، فهو ليس مجرد تاريخ يدرج في تقويم الأيام، بل هو واحة تتوقف عندها الإنسانية لتراجع صفحات نضالها، وتستحضر ملامح تلك اليد التي ساندت، والفكر الذي أبدع، والقلب الذي ضحّى بصمت ليكون للعالم وجه أكثر إنصافا وعدلا.

المرأة، ذاك الكيان الذي يتجاوز كونه نصف المجتمع، فهي ركنه الثابت، ونبضه المستمر، وضميره الحي. هي السكون في فوضى الأيام، والعاصفة حين يستدعي الأمر تغييرًا لا يمهل. لا تحتاج إلى إطراء يلمع حضورها، فهي منذ الأزل تجسيد للكمال الإنساني بكل معانيه، وليست بحاجة إلى من يمنحها حقوقها كمن يتفضل بمنح الشمس ضياءها، فهي النور الذي لولاه لتخبط العالم في عتمته.

هذا اليوم لا يأتي ليمنح المرأة قيمتها، فهي لم تكن يومًا في حاجة لمن يعرفها بذاتها، لكنه وقفة تأمل لما حققته، ولما لا يزال الطريق يستوجبه. إنه لحظة اعتراف بسطور كتبتها بجهدها، وكفاح صامت نسجت به أقدار أجيال بعدها. فمن ينسى الأمهات اللواتي أعددن قادة الأمم؟ ومن يتجاهل العالِمات اللواتي خطّطن مستقبل الإنسانية؟ ومن يغفل عن المبدعات اللواتي أضفن إلى الوجود لمسة جمالية خالدة؟

في هذا اليوم، لا تكفي الورود، ولا العبارات المنمقة، بل يكفي أن تنصف المرأة بحقوقها دون منة، وأن يمنح صوتها الصدى الذي يستحق، وأن تكتب أحلامها على صفحات الواقع، لا أن تبقى مجرد شعارات ترفع ثم تطوى مع نهاية المناسبة. الاحتفال الحقيقي بالمرأة لا يكون في يوم واحد، بل في كل لحظة تعامل فيها بكرامة، وتحيا فيها بفرص متكافئة، وتقدر لا لكونها أنثى، بل لكونها إنسانًا يستحق الحياة بعدل وجمال.

هذا اليوم ليس خاتمة لمسيرة، بل محطة تجدد العزم بأن القادم يحمل للمرأة ما يليق بها، لا كامتياز يمنح، بل كحق راسخ لا جدال فيه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى