الخشوع في الصلاة بمنزلة الروح في الجسد ..بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله بما أسدى والشكر له ما تنسمت علي الخلائق جدواء، فأي آلاء الله أحق أن تُشكر؟ أجميل أظهره؟ أم قبيح ستره وما أبدى؟ ولم تزل آلاء ربك تتوالى، ما منّ ربك عطائه، وما أكدي وما أكدى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد إن الذنوب لهي أكبر معول لهدم الدين في النفوس وأعظم معين للأعداء، ألا وإن من أعظم الذنوب والمعاصي التي عُصي الله بها في الأرض ما جاء على لسان ذلك اليهودي الذي قال ” إذا أراد المسلمون أن ينتصروا علينا فلا بد أن يكون حضورهم في صلاة الفجر مثل حضورهم في صلاة الجمعة ” نعم يا عباد الله، إذا أردنا النصر والفوز على الأعداء من شياطين الإنس والجن فيجب أن يكون حضورنا في جميع الفروض الخمسة.
كحضورنا في صلاة الجمعة، هذا ما شهدت به الأعداء والحق ما شهدوا به، فلماذا يفكر الكثير من المسلمين في الصلاة في بيوتهم دون الحضور إلى مقر الصلاة وهي المساجد واعلم يا من تصلي في بيتك وتهجر بيوت الله إنك مهما عشت في هذه الدنيا فلا بد أن تدخل المسجد إما حيا أو ميتا، فإحرص على دخوله حيا متذللا لله خاشعا لله، طائعا لله ولرسوله، قبل أن تدخله محمولا على أعناق الرجال ميتا ليصلى عليك فحينئذ لا ينفعك عملك ولا تجارتك ولا منصبك ولا مكسبك ولا أولادك من الله شيئا، واعلموا يرحمكم الله أن الخشوع في الصلاة بمنزلة الروح في الجسد، فصلاة بلا خشوع كجسد بلا روح، ولقد كان سيد الخاشعين يصلي لله خاشعا مخبتا يبكي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء، وكان ابن الزبير إذا قام إلى الصلاة كأنه عود، وكان ابن الزبير يصلي في الحجر.
فيرمى بالحجارة من المنجنيق فما يلتفت، ووقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين وهو ساجد فجعلوا يقولون يا ابن رسول الله النار، فما رفع رأسه حتى طفئت، فقيل له في ذلك فقال “ألهتني عنها النار الأخرى” وكان علي ابن الحسين إذا توضأ اصفر وإذا قام إلى الصلاة إرتعد، فقيل له فقال تدرون بين يدي من أقوم ومن أناجي ؟ وقالت بنت لجار منصور بن المعتمر يا أبت أين الخشبة التي كانت في سطح منصور قائمة ؟ قال يا بنيته ذاك منصور يقوم الليل، وقيل سرق رداء يعقوب بن إسحاق عن كتفه وهو في الصلاة ولم يشعر ورُدّ إليه فلم يشعر لشغله بعبادة ربه، وقيل كان إبراهيم التيمي إذا سجد كأنه جذم حائط ينزل على ظهره العصافير، وقال إسحاق بن إبراهيم كنت أسمع وقع دموع سعيد بن عبدالعزيز على الحصير في الصلاة، فهكذا كان خشوعهم.
أما نحن فنشكو إلى الله تعالي قسوة في قلوبنا وذهابا لخشوعنا، فلم تعد الصلاة عند بعضنا صلة روحانية بينه وبين ربه تبارك وتعالى، بل أصبحت مجرد حركات يؤديها الإنسان بحكم العادة لا طعم لها ولا روح، فأنى لمثل هذا أن يخشع ؟ فاللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واحم حوزة الدين يا رب العالمين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق ولي أمرنا لهداك واجعل عمله في رضاك، اللهم وأعنه على طاعتك يا حي يا قيوم، اللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين للعمل بكتابك وتحكيم شرعك وإتباع سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم.