رمضان بين الحقيقة والسراب.. هل نعيشه حقا أم نستهلكه بلا وعي؟

 

رمضان، هذا الشهر الفضيل الذي تهتز له الأرواح و تتوق إليه القلوب، هل ما زال كما نعتقد؟ أم أننا صنعنا منه نسخة مشوهة، نسبح بحمدها بينما نعيش نقيضها؟

مشاهد مثيرة على خشبة مسرح هذا الشهر، الشوارع تغرق في أضواء براقة، الموائد تئن تحت وطأة أطباق لا تحصى، المتاجر تعلن الحرب على الجيوب، و كأن رمضان موسم استهلاك لا موسم تقوى.

نرفع شعار العبادة، لكن المساجد تزدحم في العشر الأواخر أكثر مما تفعل في أول الشهر، و كأن التقوى تأتي دفعة واحدة عند النهاية!

نتحدث عن الصبر، لكننا نتحول إلى قنابل موقوتة قبل الإفطار، و نتفاخر بالصيام بينما ننفق ساعات أمام الشاشات نتابع المسلسلات وكأنها جزء من الشعائر.

السؤال الذي يطرح نفسه هو:

هل نحن فعلا صادقون مع أنفسنا؟ أم أننا نعيش وهما باسم رمضان، حيث نختزل الطاعة في الامتناع عن الطعام، ثم نغرق في بحر التناقضات؟

رمضان ليس شهر الصيام فحسب، بل هو موسم تتجلى فيه أناقة الروح قبل المظهر، و يزهو فيه الجمال بلمسة من السكينة والوقار. في لياليه، يتوشح القلب بثوب الصفاء، و تتناثر أنوار الطمأنينة على قسمات الوجوه، فتصبح الابتسامة دعاء، و النظرة طهرا، والكلمة الطيبة زينة لا تذبل.

في رمضان، تكون الأناقة في تهذيب النفس قبل اختيار اللباس، ويصبح الجمال انعكاسا لنقاء القلب، حيث الروح تتطيب بنفحات الذكر، والمشاعر ترتدي حلة التراحم. إنه شهر لا يزينه الحرير و الدرر، بل تؤلقه سجدة صادقة، ويد كريمة، وقلب يفيض بحب الله.

رمضان ليس مجرد صيام معدة، بل هو ثورة على النفس، امتحان لمدى قدرتنا على ضبط شهواتنا، إنه مدرسة تعيد تشكيل وعينا. فهل نجحنا فيها؟ أم أننا نحضر الدرس دون أن نستوعب معناه

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى