لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله .. بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله الذي عز جلاله فلا تدركه الإفهام، وسما كماله فلا يحيط به الأوهام، وشهدت أفعاله أنه الحكيم العلام، الموصوف بالعلم والقدرة والكلام، سبحانه هو الله الواحد السلام، المؤمنون حبب إليهم الإيمان وشرح صدورهم للإسلام، ويقبل التوبة ويكشف الحوبة ويغفر الإجرام، تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام، وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير شهادة من قال ربى الله ثم إستقام، الله ربي لا أريد سواه هل في الوجود حقيقة إلا هو، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، صلي الله عليه وعلي اله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته وإقتدى بهديه وإتبعهم بإحسان إلي يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين ثم أما بعد إن جحود المعروف صفة ذميمة كريهة المعنى.

تبعد صاحبها عن أخلاق الإسلام الذي دعا أبناءه إلى الوفاء والفضيلة، وأمرهم بتذكر الفضل ونسبته إلى أهله، حيث يقول الله تعالى ” ولا تنسوا الفضل بينكم ” فمن واجب المسلم أن يعترف بالجميل لصاحبه، وألا يتصف بالجحود لأنه حينئذ يكون من المطففين، والله عز وجل يقول ” ويل للمطففين” وقال وهب بن منبه رحمه الله تعالى ” ترك المكافأة من التطفيف” فإذا كان ترك المكافأة من التطفيف فكيف بالجحود، وقال الشّنقيطي رحمه الله تعالى في معنى قوله تعالى ” أفبنعمة الله يجحدون ” وهذا إنكار من الله عليهم جحودهم بنعمته لأن الكافر يستعمل نعم الله في معصية الله فيستعين بكل ما أنعم الله به عليه على معصيته، فإنه يرزقهم ويعافيهم وهم يعبدون غيره، وجحود النعمة كفرانها، وكما أن الجحود صفة الكافرين السابقين، فالله تبارك وتعالى هو الخالق الرازق المدبر.

ولي النعم وسبحانه وتعالي القائل ” وما بكم من نعمة فمن الله ” وأخبر الله تعالى عن فرعون وقومه عندما جاءهم نبي الله موسى عليه السلام بالآيات الواضحات البينات أنهم “وحجدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ” فالجحود سبب زوال النعم، حيث قال الله تعالي “وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ” وقال ابن كثير في تفسيرها، لئن شكرتم لأزيدنكم أي لئن شكرتم نعمتي عليكم لأزيدنكم منها، ولئن كفرتم أي كفرتم النعم وسترتموها وجحدتموها إن عذابي لشديد، وذلك بسلبها عنهم وعقابه إياهم على كفرها، وقال سعيد بن جبير رحمه الله تعالى عند تفسير قوله تعالى ” إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة ” وكان أصحابها من قرية يقال لها ضروان على ستة أميال من صنعاء، وكان أبوهم قد خلف لهم هذه الجنة.

وكانوا من أهل الكتاب، وقد كان أبوهم يسير فيها سيرة حسنة، فإن ما يستغل منها يرد فيها ما تحتاج إليه، ويدخر لعياله قوت سنتهم، ويتصدق بالفاضل، فلما مات وورثه بنوه قالوا لقد كان أبونا أحمق إذ كان يصرف من هذه شيئا للفقراء، ولو أنا منعناهم لتوفر ذلك علينا، فلما عزموا على ذلك عوقبوا بنقيض قصدهم فأذهب الله ما بأيديهم بالكلية رأس المال والربح والصدقة فلم يبقي لهم شيء، وقال عقب ذلك ابن كثير رحمه الله تعالى “هكذا عذاب من خالف أمر الله، وبخل بما آتاه الله وأنعم به عليه، ومنع حق المسكين والفقير وذوي الحاجات وبدل نعمة الله كفرا، وأخيرا إذا كان الجحود صفة اللئيم الظالم، فإنه لا ينبغي أن يمتنع أهل المعروف عن بذله لأنهم يرجون ما عند الله تعالى من الأجر والثواب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى