الدكـــروري يكتب: البر بالوالدين يثقل الميزان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد إن رضا الآباء الصالحين من رضا الله تعالى، فيجب علينا جميعا أن نعلم أن هناك إرتباطًا وثيقا بين رضا الله تعالى ورضا الآباء الصالحين، ولذا يجب على الأبناء أن يحرصوا على رضا آبائهم وطاعتهم، لينالوا رضا الله عليهم في الدنيا والآخرة، ولقد أرشدنا إلى ذلك نبينا ورسولنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم في كثير من أحاديثه الشريفة، فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد” رواه الترمذي، وهذا الحديث المبارك دليل على فضل الإحسان إلى الوالدين، ووجوبه، وأنه سبب لرضا الله تعالى، والحديث أيضا تحذير من عقوق الوالدين، وتحريم له.
وأنه سبب لغضب الله تعالى على العبد المسلم، وعن عبدالله بن عمر بن الخطاب قال كانت تحتي امرأة وكنت أحبها، وكان عمر يكرهها، فقال لي طلقها، فأبيت، فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” طلقها ” رواه ابي داود، ويتضح من هذا الحديث أن الذي طلب الطلاق من ولده هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وليس كل الآباء أتقياء، بل يمكن أن يكون هناك شيء من العداوة بين الزوجة والوالدين لأمور دنيوية، فينظر الولد في ذلك إلى العدل ومعرفة الحق مع من يكون، فإن كان الحق مع الزوجة، وجب على الولد أن يبين لوالديه أنهما ليسا على حق، ويسعى إلى إقناعهما بالتي هي أحسن مع الإبقاء على زوجته، وأما إذا كانت الكراهية لأمر ديني، أو أن الأمر بلغ إلى حد لا يمكن معه التوفيق، فلا شك أن طاعة الوالد مطلوبة.
ورضاه مطلوب، وروى عن طاوس بن كيسان قال من السنة أن يوقر أربعةن العالم، وذو الشيبة، والسلطان، والوالد، قال ويقال إن من الجفاء أن يدعو الرجل والده باسمه، وقال هشام بن حسان قلت للحسن البصري إني أتعلم القرآن، وإن أمي تنتظرني بالعشاء، فقال الحسن تعشّ العشاء مع أمك تقر به عينها، أحب إليّ من حجة تحجها تطوعا، ولما ماتت أم إياس بن معاوية بكى، قيل له ما يبكيك؟ قال كان لي بابان مفتوحان إلى الجنة، وغُلّق أحدهما، وقال وهب بن منبه ” البر بالوالد يثقل الميزان، والبر بالوالدة يشد الأصل، والذي يشد الأصل أفضل” وقال مكحول الشامي ” بر الوالدين كفَّارة للكبائر ” وقال سفيان بن عيينة ” من صلى الصلوات الخمس فقد شكر لله، ومن دعا لوالديه عقبها فقد شكر لهما ” وقال مجاهد بن جبر ” لا ينبغي للولد أن يدفع يد والده عنه إذا ضربه.
قال ومن شد النظر إلى والديه فلم يبرّهما، ومن أدخل عليهما حزنا فقد عقهما ” وقال محمد بن محيريز ” من مشى بين يدي أبيه فقد عقه، إلا أن يمشي فيميط له الأذى عن طريقه، ومن دعا أباه باسمه أو بكنيته فقد عقه، إلا أن يقول يا أبتي ” وقال بعض الحكماء ” لا تصادق عاقا فإنه لن يبرّك وقد عق من هو أوجب حقا منك عليه ” فعليك أن تدبر يا أخي الكريم وقف مع نفسك لحظات تتأمل فيها كيف يكون حالك عندما تقصر في حقوق والديك، فيقوم أحدهما أو كلاهما في ثلث الليل الآخر فيصلي لله تعالى ركعتين في جوف الليل، وقد انهمرت دموعه على خديه رافعا يديه إلى السماء متذللا ومتوسلا إلى الله تعالى أن ينتقم له منك لأنك قد أسأت معاملته، وكم من دعوة للوالدين الصالحين كانت سببا في سعادة أبنائهما أو شقائهما في الدنيا والآخرة.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له ” رواه البخاري ومسلم.