بل أحياء عند ربهم يرزقون

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد تمر علينا في هذا الشهر المبارك ذكرى إنتصارات الإسلام بدءا من غزوة بدر إلي معركة العاشر من رمضان، ونحن إذ نتذكر هؤلاء الشهداء الذين إرتفعوا بأرواحهم إلى الله جل جلاله وفازوا برضوانه نحسدهم، ونغبطهم على ما حصلوا عليه من نعيم وعدهم به الله جل جلاله، فأي نعيم بعد هذا النعيم، أنهم أحياء وليسوا أمواتا، يرزقون ورزقهم من الله ومن ثم فهم فرحون بما أعطاهم الله ويستبشرون بإخوانهم القادمين عليهم وذلك لحبهم إنزالهم هذه المنزلة التي أنزلهم الله، فلا حزن بل إستبشار وفضل ونعيم كيف وهي جنة الخلد التي هي دار الله وهم ضيوفه، ليجدوا ما لا عين رأت ولا أذن سمعت،

ولا خطر على قلب بشر، فإنهم أحياء أيها الأحبة أحياء لا نشعر نحن بهم ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم عندما سُئل إبن مسعود عن هذه الآية من سورة آل عمران ” ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون” قال أما أنا فقد سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال “أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل” ويقول الإمام إبن كثير في تفسيره لهذه الآيات إن أرواح الشهداء كما جاء في صحيح مسلم في حواصل طيور خضر تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش فاطلع عليهم ربك إطلاعة فقال ماذا تبغون ؟ فقالوا يا ربنا وأي شيء نبغي وقد أعطيتنا ما لم تعطي أحدا من خلقك ؟ ثم عاد عليهم بمثل هذا فلما رأوا أنهم لا يتركون من أن يسألوا قالوا نريد أن تردنا إلى الدار الدنيا فنقاتل في سبيلك حتى نقتل فيك مرة أخرى.

لما يرون من ثواب الشهادة فيقول الرب جل جلاله ” إني كتبت أنهم إليها لا يرجعون ” وعن أنس بن مالك رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “ما من نفس تموت لها عند الله خير يسرّها أن ترجع إلى الدنيا الا الشهيد فانه يسره أن يرجع الى الدنيا فيقتل مرة أخرى مما يرى من فضل الشهادة ” وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما إن أبا جابر وهو عبد الله بن عمرو بن حرام الإنصاري قتل يوم أحد شهيدا فقال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما كما روى الإمام البخاري لما قتل أبي جعلت أبكي وأكشف الثوب عن وجهه فجعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهوني والنبي صلى الله عليه وسلم لم ينه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تبكه أو ما تبكيه ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع” وقال سعيد بن جبير رضي الله عنه لما دخل الشهداء الجنة ورأوا ما فيها من الكرامة قالوا يا ليت إخواننا الذين في الدنيا يعلمون ما عرفناه من الكرامة.

فإذا شهدوا القتال باشروها بأنفسهم حتى يستشهدوا فيصيبوا ما أصابنا من الخير، ولقد ذهب الشهداء إلى جنة إلى كرامة إلى رضوان من الله تعالي إلى مساكن طيبة إلى حور مقصورات في الخيام فأنتم أيها الشهداء إلى السعادة أنتم إلى الطمأنينة أنتم إلى حيث اللواذ بجلال الله تعالي وجماله أنتم تحت ظل عرش الله يوم القيامة، وكما أكرمهم الله في القرآن الكريم وفي مقاعدهم بعد الشهادة فقد أكرمهم النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث إضافة إلى أنه عليه الصلاة والسلام لم يغسلهم حيث قال في شهداء أحد ” زملوهم بكلومهم ودمائهم فإنهم يبعثون يوم القيامة وأوداجهم تشخب دما اللون لون الدم والريح ريح المسك” فهل من بعد هذه الكرامة من كرامة وهل من بعدها من بشارة؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى