الفؤاد …. القلب … الصدر ..الفرق بين معانيهم وعدد ذكرهم في القرآن الكريم

الفؤاد ، والقلب ، والصدر في القرآن الكريم
ورد ذكر ( الفؤاد ) في القرآن الكريم 16 مرة في 6 صيغ هي بعدد المرات ( الفؤاد 2 ، فؤاد 1 ، فؤادك 2 ، أفئدة 3 ، الأفئدة 5 ، أفئدتهم 3 ) .
وورد ذكر ( القلب ) في القرآن الكريم 132 مرة في 14 صيغة هي ( قلب 5 ، القلب 1 ، قلبك 3 ، قلبه 8 ، قلبها 1 ، قلبي 1 ، قلبين 1 ، قلوب 15 ، القلوب 6 ، قلوبكما 1 ، قلوبكم 15 ، قلوبنا 6 ، قلوبهم 68 ، قلوبهن 1 )
وورد تعبير ( الصدر ) ومشتقاته في القرآن الكريم في 46 موضعاً ، ومن عجيب القرآن الكريم أن قيمة كلمة ( صدر ) بحساب الجمّل القرآني هو 46 أيضاً ، حيث ص = 22 ، د = 16 ، ر = 8 ، فيكون المجموع 46 مساوياً لعدد مرات ورود الكلمة ومشتقاتها في القرآن كله .
أولاً – القلب
من عجيب القرآن الكريم أن عدد مرات ورود القلب ومشتقاته وهو 132 مرة ، يساوي قيمة كلمة ( قلب ) بحساب الجمّل ، حيث ق = 100 ، ل = 30 ، ب = 2 . فيكون 100 + 30 + 2 = 132 .
ومن معاني لفظة القلب في لغتنا هو تلك العضلة الواقعة في الصدر والتي تضخ الدم الى سائر أنحاء الجسد ، ولكنها في المعنى القرآني تمتد لتشمل معنى أبعد من ذلك ، فحين نتدبر جميع الآيات الكريمة التي ورد فيها ذكر القلب ومشتقاته نجد أن المعنى ينصرف الى المفاهيم والأفكار المرتبطة بالمشاعر والأحاسيس الإنسانية والتي ينتج عنها السلوك ، ولنأخذ أمثلة من الآيات القرآنية التي وردت فيها اللفظة في صيغها المختلفة ونتدبرها تبعاً لهذا المعنى :
– ( .. فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ .. ) آل عمران: 159 . أي لو كانت مشاعرك وأحاسيسك التي ينتج عنها سلوكك مع الناس غليظة وقاسية ( غليظ القلب ) لما وجد الناس في أنفسهم رغبة في مصاحبتك ولانفضوا عنك .
– ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ ، إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) الصافات: 83-84 . أي أن من أتباع نوح كان إبراهيم ، الذي جاء ربه بفكر مؤمن على الفطرة ( سليم ) ، ومشاعر وأحاسيس جياشة بحب الله ، فكان سلوكه موافقاً للفطرة لم تشبْه شائبة ( قلب سليم ).
– ( وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ، عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ) الشعراء: 192- 194 . أي أن القرآن هو تنزيل من الله تعالى نزل به جبريل عليه السلام ( على قلبك ) لتدرك ما فيه بفكرك ومشاعرك فيؤثر في سلوكك وفي مجتمعك فتصبح منذراً للناس من عذاب الله .
– ( إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ، مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ .. ) النحل: 105- 106 . يستثني الله تعالى من الذين كفروا بعد إيمانهم ذلك الذي أكره إكراهاً على قول كلمة الكفر بينما فكره ومشاعره مطمئنة الى أنه مؤمن في قرارة نفسه ( وقلبه مطمئن )
– ( وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا ۖ إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) القصص: 10 . أي أن اقتناع أم موسى بالفكرة التي أوحى إليها بها الله من إلقاء ابنها في اليم ليأخذه آل فرعون قد غلبت عليها مشاعر الأم فنسيت ما كان من أمر هذا التدبير وكادت تذهب الى آل فرعون وتعترف لهم بأن الغلام هو ابنها ، لولا أن الله تعالى أمدها برباطة الجأش فمنع أحاسيسها ومشاعرها كأمّ من أن تغيّر الخطة المرسومة ( ربطنا على قلبها ) ، ولتصدق أن وعد الله لها بإعادة ابنها إليها سينجز .
– ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي .. ) البقرة: 260 . أي أن إبراهيم طلب من الله تعالى أن يريه كيف يحيي الموتى وذلك ليرى الكيفية التي يحيي بها الله تعالى الموتى ، وليس ليختبر صدق الله في إحياء الموتى لأنه قال ( كيف تحيي الموتى ) ، فأجاب حين سأله الله تعالى أولم تؤمن ؟ قال بلى آمنت ولكنني أريد أن تستقر في فكري الكيفية التي تحيي بها الموتى .
– ( مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ .. ) الأحزاب: 4 . أي أن الإنسان لا يستطيع أن يفكر في أمرين مختلفين في وقت واحد ( قلبين ) ، ذلك أن بؤرة الشعور لا تتسع إلا لفكرة واحدة في الوقت الواحد ، وهذا ينطبق على الرجل والمرأة على السواء ، ولكن الآية راعت ذكر الرجل دون المرأة لكي يشمل معنى القلب كعضو من أعضاء الجسد أيضاً ، حيث أن الله تعالى لم يجعل لأي رجل ( قلبين ) في جوفه ، ولكنه جعل ذلك للمرأة ، فعند حمل المرأة يكون قلب جنينها في جوفها إضافة الى قلبها .
من ذلك ندرك أن معنى ( القلب ) يذهب الى أبعد من كونه عضواً مجرداً من أعضاء الجسم الى معنى المفاهيم والأفكار المرتبطة بالعواطف والمشاعر والمؤثرة في السلوك .
ثانياً – الفؤاد
أما ( الفؤاد ) فبالرغم من كونه يعني في اللغة القلب أيضاً ، إلا أنه استخدم في الآيات القرآنية ليصيب معنى إدراك الأشياء والاقتناع بالأفكار بعيداً عن المشاعر والأحاسيس ، وحين نستقرئ الآيات التي ذكرت ( الفؤاد ) نجد هذا المعنى واضحاً فيها جميعاً كما يلي :
– ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) الإسراء: 36 . نلاحظ أن أغلب العلوم والمعارف التي يتعلمها الإنسان تصل الى إدراكه عن طريق السمع أو البصر ، وتأتي أيضاً عن طريق باقي الحواس الخمس الأخرى ، ولكن الحاستين الأبرز هما السمع والبصر ، ولذلك نجد أن الآيات القرآنية قد قرنت ( الفؤاد ) بالسمع والبصر أو بالبصر وحده في عشر آيات من الآيات الست عشرة التي ورد فيها ( الفؤاد ) أو ( الأفئدة ) . وهذه الآية تحمل الوصية الحادية عشرة من اثنتي عشرة وصية تبدأ من الآية 2