الدراما الرمضانية 2025: بين محاولات خلق “البطل الشعبي” وسقوط المسلسلات

كما هو متوقع، راهن صُنّاع الدراما الرمضانية هذا العام على تقديم أبطال “شعبيين”، يعتقدون أنهم يعبرون عن أبناء الحارات المصرية والطبقات المتوسطة، لكنهم وقعوا في خطأ فادح بخلط مفهوم “الغناء الشعبي” مع “غناء الكباريهات”، مما أدى إلى فشل هذه الأعمال في تحقيق النجاح المتوقع.
ومن المفارقات الصارخة أن بعض الأغاني المصاحبة للمسلسلات جاءت وكأنها موجهة لسكان “الكومباوندات” وليس للشارع المصري، مما جعلها تختفي سريعًا من المشهد، في حين انتشرت الأغاني ذات الطابع الشعبي، رغم افتقارها للجودة الفنية المطلوبة.
خمسة مسلسلات تحاول استنساخ نجاح “محمد رمضان” دون جدوى
شهد الموسم الرمضاني الحالي خمسة أعمال درامية تحاول خلق “بطل شعبي” على غرار ما قدمه محمد رمضان في السنوات الماضية، والذي غاب هذا العام عن الساحة الدرامية، مفضلًا تقديم برنامج يعتقد أنه “يساعد الفقراء”، ليقدم نفسه كـ”بابا نويل” جديد يمنح الهدايا ويحلم بتحقيق الأمنيات، لكنه وقع في فخ التصور السطحي لحاجات الشعب، معتقدًا أن المال هو الحل الوحيد.
الأعمال التي حاولت استنساخ “الرمضانية” هي:
سيد الناس
فهد البطل
العتاولة
حكيم باشا
إش إش
إضافة إلى مسلسل آخر يُقدَّم بشكل مختلف وهو “النص” بطولة أحمد أمين، والذي يُعتبر العمل الوحيد الذي يمكن التعامل معه وفق أسس فنية واضحة.
أحمد سعد.. صعود قوي لكن باختيارات خاطئة
على مدار السنوات الثلاث الماضية، حقق الفنان أحمد سعد نجاحًا كبيرًا، خاصة من خلال أغاني المسلسلات والإعلانات الرمضانية، حيث أصبح عنصرًا أساسيًا في الأعمال التليفزيونية.
هذا العام، تواجد سعد في خمسة إعلانات، إضافة إلى أغاني مسلسل “سيد الناس”.
رغم امتلاكه موهبة صوتية قوية، إلا أن أزمة أحمد سعد الحقيقية تكمن في عدم القدرة على اختيار المحتوى المناسب لأدائه، إذ يعتمد على التوجه الشعبي دون وعي حقيقي بما يجب أن يقدمه لجمهوره.
وهذا ما يجعله بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في معايير اختياراته، بعدما استنفد مرحلة “كيف أغني؟”، ليصبح السؤال الأهم الآن: “ماذا أغني؟ ولمن؟”.
أزمة الدراما: صورة مغلوطة عن “البطل الشعبي”
المسلسلات هذا العام قدمت صورة مشوهة عن “البطل الشعبي”، حيث ربطته بالبلطجة، السجن، والمخدرات، متجاهلة أن المجتمع المصري الحقيقي لا يمكن اختزاله في هذه الشخصيات النمطية.
الأمر نفسه انعكس على الأغاني المصاحبة للمسلسلات، حيث جاءت الأغنيات كلها متشابهة في الكلمات والتوزيع الموسيقي، بدون تنوع أو تميّز، مما جعلها غير مؤثرة، على عكس الأعمال الدرامية السابقة التي نجحت في رسم ملامح واضحة للأبطال الشعبيين من خلال تترات مؤثرة مثل “أنا قادر” و”بحبك يا صاحبي”.
رحمة محسن.. صوت شعبي في المكان الخطأ
في مسلسل “فهد البطل”، استعان صُنّاع العمل بالمطربة رحمة محسن، التي حققت شهرة واسعة في مجال الغناء الشعبي، لكنها وُظفت بطريقة غير منطقية داخل المسلسل، حيث تغني دورًا يعبر عن شخصية “رجل”، رغم وجود المطرب الشعبي أحمد شيبة في تتر المقدمة، مما يثير التساؤلات حول طبيعة الاختيارات الفنية في المسلسل.
الدراما الصعيدية المشوّهة.. “حكيم باشا” نموذجًا
أما في مسلسل “حكيم باشا”، فقد تم تقديم صورة صعيدية مشوهة، تفتقر إلى الدقة، حيث تم مزج الثقافة الصعيدية مع عناصر درامية لا تمتّ لها بصلة، مما جعل المسلسل بعيدًا تمامًا عن واقعية المجتمع الصعيدي المصري.
الخلاصة: سقوط الدراما في فخ التكرار
ما يحدث في دراما رمضان 2025 ليس سوى تكرار لأفكار قديمة، ولكن بصياغات مختلفة لا تحمل أي جديد.
لا تزال هناك فجوة كبيرة بين ما يريده الجمهور وبين ما يقدمه صُنّاع الدراما، مما يفرض ضرورة إعادة النظر في طريقة تقديم “البطل الشعبي”، مع التركيز على جودة السيناريوهات والأغاني، بدلاً من الاعتماد على الأسماء الرائجة فقط.
الأمل الوحيد في هذا الموسم هو مسلسل “النص”، الذي يبدو أنه العمل الدرامي الأكثر احترامًا لمعايير الفن والدراما الحقيقية.