بداية جديدة لبناء الانسان.. رؤية انثروبولوجية للكاتب/ فرج احمد فرج

الجديد يعني الاستحداث لموجود من قبل ولكن بشكل واسس مختلفه عما سبق ، مثل الثوب الجديد ، شكله ولونه وغرضه .
ما هو معني الجمهورية الجديدة وتعريفها ؟
وماهي مواصفاتها واهدافها ؟
لو نظرنا حولنا نراها علي ارض الواقع بملامحها في اشياء كثيرة ، ولكننا لانمسك تعريف محدد لها .. موجودة في الواقع وخرجت من الكتب والمخططات .
ولكننا لابديل امامنا سوي الاجتهاد في تعريف الجمهورية الجديدة ..
ان افضل تعريف للجمهورية الجديدة انها ليست القديمة ولا تشبهها في شيء سوي الشكل الدستوري ومضمونها يختلف تماما عن القديمة .. بعد ان رأوها قد دب عليها العجز وظهرت عليها الشيخوخة .
مثلها مثل العاصمة القديمة التي كان حتميا ان يكون لها بديل كما فعلت بلدان كثيرة في العالم بعد ان أنت ” اي اشتكت “القديمة من تهالك العمران وفقدان استيعاب التقدم وزيادة السكان وتوقفت تماما نتيجة ذلك واكتظت الشوارع والطرقات وضاقت بالناس الانفاس وحرموا فيها من الهواء النقي والماءالنظيف والقدرة علي نظافة المدينة ورفع مخلفاتها .
فانا امام عنوان مبهم ليس له اسم .. كالمولود الذي لم يسمي حتي الان واصبح شابا ، فحين يولد المولود نجد له اسما .. لا بعد ان يولد ويكبر .. ونحتار بعدئذا في ان نجد له اسما .. وهل سيكون من خلال الشكل ام المضمون او المكان او الهدف .
ثم ياتي الدور علي من سيسكن في هذه الجمهورية الجديدة وعاصمتها الجديدة التي سميت حتي الان
“بالادارية الجديدة ” فكل العواصم في العالم هي في الاساس ” ادارية” ولكن لها اسم فعاصمة فرنسا باريس والمانيا برلين والسعودية الرياض _ فهل يا تري العاصمة الجديدة سيطلق عليها اسم جديد ام سيظل اسمها القديم ” القاهرة ” كما هو .
واي انسان سيسكنها سواء في الجمهورية الجديدة او العاصمة الجديدة ” خرج علينا شعار جديد “بداية ”
لبناء انسان جديد .. واين سيذهب الانسان القديم .. هل سيعيش معا جنبا الي جنب مع الانسان الجديد .
دون وعي ام كامل الوعي :
اختلف علماء الانثروبولوجيا وعلم الاجتماع عند الاجابة عن هذا السؤال – لمن الاولوية للفرد ام للمجتمع ؟
هناك راي يقول الانسان والمجتمع جزء متواصل في دائرة التواجد والاستمرار والزمان والمكان هما من العناصر المتغيرة والمؤثرة في الفرد ومن ثم في المجتمع , باعتبار الفرد يكون اسرة والاسرة تكون مجتمعا,والمجتمعات تكون مجتمعات , والمجتمعات تتحول الي عالم التواجد الكوني .
وراي اخر ان المجتمع نكونه بقيمنا وعاداتنا ومفاهمنا , وعندما نتكلم عنه فنحن نتكلم عن انفسنا وهنا لابد ان ننظر لانفسنا ونقيمها هل هي تسير وفق معتقداتنا ومفاهيمنا وطموحاتنا واهدافنا , ومن ثم ننظر ونتسأل هل يسير وفق ما نحن عليه ؟
فنحن كلما كانت قيمنا عالية واهدافنا سامية وطموحتنا مشروعة , سيكون الناتج مجتمع سليم ياخذنا نحو الغد المرجو .
فقد تجلى للباحثين في الأيام الأخيرة أن الناس كلهم على اختلاف أجناسهم وألوانهم ولغاتهم ودينهم جسم عضوى واحد، فكل أمة تؤثر في الأمم الأخرى وتتأثر بها في صنائعها وعلومها وأخلاقها، فليست أمة من الأمم غنية بمعادنها وصنائعها وعلومها عما حولها، بل ترى أن الله قد قسم الخيرات على العالم، فأمة غنية بالحبوب ولكنها في حاجة إلى المعادن، وأخرى على العكس منها وهكذا، وكل ينفع وينتفع.
هذا هو شأن المجتمعات والأفراد، وكل فرد فيها عضو من أعضائها، ولا يخلو إنسان من ارتباطه بمجتمعات كثيرة، فكل إنسان عضو في أسرة، وفي مدينة، أو قرية، وفي أمة، وفي العالم بأسره.
ومن المجتمع يستمد الفرد كل شيء من مأكل وملبس ومسكن وعلم وخلق، ولو جرد الإنسان من كل شئ ناله من المجتمع ما بقي له شئ، فجسمه وعقله وخلقه منحة من منح الله والمجتمع.
وكما أن العضو إذا انفصل من الجسم مات ولم تعد له حياة كاليد تفارق الجسم، والورقة تفارق الشجرة، فكذلك الإنسان إذا انفصل عن مجتمعه أدركه الفناء، ولم تكن له قيمة، لأن أعمال الإنسان وأغراضه وعاداته لا تقوم إلا بالنظر إلى المجتمع، فليس الصدق خيرا ولا الكذب شرا إلا لإنسان يعيش في مجتمع، ولولا ذلك لم يكن أحدهما خيرا والآخر شريرا.
فالفرد هو الذي يعمل ويبني ويعمر ويطور مجتمعه من خلال تعايشه مع من حوله.. اذن لا مجتمع بدون افراد ولا افراد بدون مجتمع.
و اذا ما ارادت الامم ان تتقدم في الجوهر لا الشكل – فالتبدء بالانسان , فبناء الانسان هو الدعامة الاساسية لاية بناء اخر – ونحن لا نخترع العجلة فهناك امم بدات معنا نهضتها عندما نهجت ما اقوله – “بناء الانسان اولا “.
ان عملية بناء الانسان للمصرين ، هذه لم تكن اول دعوة !
فقد مرت بخطط انية وطويلة المدي وممتدة منذ دعوة طلعت حرب وتبعتها المرحلة الاشتراكية والاقتصاد الحر والانفتاح الاقتصادي وحاليا لم نعرف ماذا نريد ؟
نحن لا اشتراكية ولا راسمالية ولا ننتمي للاقتصاد الحر ولايوجد انفتاح .. نحن بدون بوصلة .. الان وجب عينا التوقف وتحديد اتجاهنا لنحدد اي الطرق نتبع .
هل نطمح ان نصل بالانسان المصري الي مصاف الانسان الالماني او الياباني ام ننظر لشعوب قريبة وظروفها قريبة منا ، نحن اكيد نطمح ان نكون في مصاف الدول المتقدمة في العمل والدقة .
فالتجربة الكورية والماليزية والاندنوسية والتيوانية والهندية والبرازيلية والتركية كلها بدأت بالبشر كلها حددت ما تريد وتحملوا مراحل سنوات البناء ، لانها لن تأتي ثمارها الا في الجيل الثاني لو بدأت الان ولكن تحتاج الجدية والصدق والشفافية .وعلي القيادة السياسية ان تتحلي بالشجاعة في ان تحدد الهدف وتشرك المواطنين في تحديد ذلك الهدف لانه هو المستهدف الحقيقي .
التعليم هدفه الاساسي ان ينتج انسان صالح لان يكون انسانا اولا ، نافعا لنفسه ومجتمعه من خلال اي مهنة يتخصص فيها ويتقنها والتخلي عن شعارات موروثة فاسدة ـ احنا اللي دهنا الهواء دوكو وخرمنا التعريفة
والعقيدة والمستهدف منها سواء في المسجد او الكنيسة ان يكون الدين للحياة وحبها اولا لانه مخلوق للعمارة والبناء والنعيم لبعد مماته ، الدين يعني القيم والاخلاق والنظام